الخميس، 25 أغسطس 2016

رسائل ابن أبي زيد ( 3/ 3 ): ( الرسالة الثانية ) وهي ( رسالة إلى طالب علم ).

ملاحظتان:
1ـ هذه الرسائل في طور الطباعة الورقية وإجراءاتها.
2- هذا الإصدار نشرته في هذه المدونة في ٣ مشاركات هذه إحداها.


رسالةٌ إلى طالبِ علمٍ



للإمام أبي محمدٍ عبدِ الله بنِ أبي زيد القَيْرواني
ت 386هـــ
رحمه الله تعالى




تحقيق:
عمار سعيد خادم أحمد بن طوق المري


بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه أجمعين، أمَّا بعدُ:
        فإن الله، عز وجل، قد بيَّن برسوله، صلواتُ ربي وسلامه عليه، سبيلَ الهدى، وأوضحَ به المنهاجَ، وأقام به الملةَ الإسلامية، ثم قبضه إليه بعد أن بلَّغ البلاغَ المبين، وترَكَنا على الـمَحَجَّة البيضاء، وأرسى في قلوب أصحابه أُسُسَ العقيدة الصحيحة، وحثَّهم على التمسُّك بها، والنَّهْل من مَعِينها الصافي؛ كتابِ الله، وسنته.
        وسار على هذا المنهج: أصحابُه البررة، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، فتجدُ في كل زمان أئمةَ هدًى، يسيرون في الناس سيرَ سلفِهم الصالح، يُحيُون بكتاب الله الموتى، ويُبصِّرونهم من العمى، ويصبرون منهم على الأذى[1]، ومن هؤلاء: الإمامُ أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ أبي زيد القيرواني ت 386هـ رحمه الله تعالى، فله المكانةُ العليا في الدين، عند أهل الإسلام بعامة، وعند المالكية بخاصة، حتى لُقب بمالك الصغير.
        والإمامُ ابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ كان على عقيدة السلف الصالح، لم يحِدْ عن عقيدتهم، ولم يسلك غيرَ منهجهم، وإذا نظرتَ في أقواله الاعتقادية؛ وجدتَه يتناولُ مسائلَ الاعتقاد، بتقرير سليم، وبيان حسن، وحرصٍ عظيم على التقيُّد بالألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، وتجدُه، أيضًا، في كتاباته، وكذلك في تطبيقه العملي في حياته، مُنابِذًا لأهل الأهواء، رادًّا عليهم، ناصحًا لهم، ومحذِّرًا منهم.
        فقد تكلم المصنفُ، رحمه الله، في مقدمة الرسالة الفقهية، وفي مقدمة كتاب الجامع، وفي منثورات متفرقات من كتبه، وفيما نُقل عنه من غير كتبه؛ عن مسائلِ الاعتقادِ، فأتى على جميع أصولها، على منهج أهل السنة والجماعة.
        فقرَّر في مؤلفاته والمسائلِ المنقولة عنه: أركانَ الإيمان تقريرًا واضحًا متينًا؛ تكلم عن الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر؛ خيره وشره، وتناولَ مسائلَ الإيمان، والرؤية، وعدمِ التكفير بالذنوب، وعرَّج على الوصية باتباع السلف الصالح، والسمعِ والطاعة لوُلاة أمرِ المسلمين؛ من أمرائهم وعلمائهم، وتركِ الجدال المذموم في الدين، وتركِ المحدثات والبدع.
        وكان ـــ رحمه الله ـــ لَهِجًا بالحثِّ على اتباع السنة، مُثنيًا على أهلها، ذامًّا لمخالفيها، مبينًا لهم طريقَ الرشاد، ومن أقواله ـــ رحمه الله ـــ: ( وإنما يُدعَى من كان على بدعة من منتحلي الإسلام، إلى الرجوع إلى السنة والجماعة )[2]. ومن أشهر ما قيل عنه: قولُ الحافظ الذهبي ـــ رحمه الله ـــ : ( الإمام، العلامة، القدوة، عالم أهل المغرب، أبو محمد القيرواني، ويُقال له: مالكٌ الصغير، وكان أحدَ مَن بَرَّز في العلم والعمل، وكان ـــ رحمه الله ـــ على طريقة السلف في الأصول، لا يدري الكلامَ ولا يتأوَّل ) [3].
        وهذه الرسالةُ التي بين أيدينا؛ على قدر كبير من الأهمية، على صغر حجمِها، وضعف شهرتها، إذ إنَّ ابنَ أبي زيد ـــ رحمه الله؛ انتحله أهلُ الكلام، كما انتحلوا غيرَه من أئمة الإسلام، فنسبوه إليهم، وانتسبوا إليه، وهم لا يجدون في كلامه مُستمسَكًا صالحًا يَعضُد انتحالَهم له، بل في كلامه؛ من الرد عليهم، وتقصُّد إبطالِ مذاهبهم، والتحذيرِ منهم؛ ما فيه مَقنَعٌ لمن أراد الحقَّ.
        وأهميةُ هذه الرسالة؛ تأتي من كونها تحتوي على:
        1ـ تأكيده التعلُّق بالله ـــ عز وجل ـــ والانشغال بالعلم النافع، والعمل الصالح.
        2ـ حثُّه على السنة، وأهلها؛ تمسُّكًا بها، وانتفاعًا بالقراءة على أهلها، ومصاحبتهم، ونظرًا في مصنَّفات المعروفين بها.
        3ـ تحذيرُه من الكلام، وأهله؛ اشتغالًا به، ومخالطة لأهله، ودخولًا للبلد الذي يكثر فيه الجدلُ والكلام.
        ـ مع ما في هذه الرسالة، من فوائدَ جليلةٍ، ونِكات جميلة، من الحث على الأخلاق والمكارمِ، والآداب العالية، والدلالة على طريق العلم، والإفادة بأسماء كتب ومصنفات ينبغي الاعتناءُ بها.
ففي هذه الرسالة: الردُّ على هؤلاء المنتحلين لهذا الإمام، على سبيل الإجمال، وأمَّا الردُّ التفصيلي عليهم، من خلال كلامه هو، وكلامِ غيره ممن سلك مسلكَه؛ فهو موضوعُ رسالتي العلمية، في مرحلة الماجستير، بعنوان: ( المصنفاتُ في شرح المقدمة العقدية لرسالةِ ابن أبي زيد القيرواني ـــ عرضٌ وتقويم ) [4].
        وهذه الرسالةُ التي بين أيدينا؛ هي رسالةٌ بعث بها الإمامُ ابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ إلى بعض طلبة العلم، الراحلين إلى الحج، وطلبِ العلم في المشرق، وُجدت ضمنَ مجموعة من الرسائلِ الصغيرة، مدرجةً في آخر الجزء الثاني من مخطوطة كتاب ( الذبِّ عن مذهب مالك ) له، والظاهرُ أن هذه الرسالة: هي الرسالة التي وُسمت في ترجمته ضمنَ سردِ مؤلفاته بـــــــ : ( رسالة طلب العلم )[5]، أو ( رسالة طالب العلم )[6]، وهي رسالةٌ مُتَّسِقة مع سائر كتابات ابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ في الأسلوب، والمنهج العقدي والفقهي.
        وهذه الرسالةُ وُجدت ضمنَ مخطوطة كتاب ( الذب عن مذهب مالك )، للإمام ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ وهي مخطوطةٌ وحيدة لهذا الكتاب، محفوظة برقم: ( 4475 )، بخزانة تشستربيتي بدُبْلِنَ في أَيِرْلَنْدا، تقع هذه المخطوطةُ في ثلاثة أجزاءٍ، وأُدرجت بعضُ الرسائل الغريبة عنها في آخر الجزء الثاني[7]، وهي رسائلُ لابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ نفسِه، منها هذه الرسالةُ، التي تقعُ في ثلاث صَفَحات، وقد جاء في آخر الرسالة التي بعدها مباشرةً، التي هي: ( قصيدةٌ في فضل العلم والحثِّ عليه ): ملاحظةٌ كُتِبَت في أسفلِ الصفحة على اليسار[8]، وهي: ( نقلها ابنُ بشكوال مع ما قبلها[9] من كلام ابن أبي زيد ـــ رحمه الله [ ... ][10] ).
وعملي في هذه المخطوطة: اتجه إلى إخراجها على أقرب صورةٍ أرادها مصنفُها ـــ رحمه الله ـــ إذ قمتُ بتجريد المخطوط، متحريًا الدقةَ بقدر الإمكان[11].
ومِن عملي فيها: أني ضبطتُ نصَّ الرسالة كلمةً كلمةً، وعلقتُ تعليقاتٍ يسيرةً حيث رأيتُ الحاجةَ داعيةً إليه، من بيانِ معنًى، وترجمةٍ لغير مشهور عند عموم طلبة العلم، ونحوِ ذلك، وحرَصتُ على تفقير النص بحسب المعنى، زيادةً في الإتقان، وإعانةً على الفهم.
        أسألُ الله ـــ عز وجل ـــ أن يتقبلَ هذا العملَ، وأن ينفعَ به ،،،







نصُّ الرسالة:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حَفِظَكَ اللهُ فِي ظَعْنِكَ[12] وَمُقَامِكَ، حِفْظًا تَصْلُحُ بِهِ أَحْوَالُكَ، وَتُزَكَّى بِهِ أَعْمَالُكَ، وَيُبَلِّغُكَ مِنَ[13] الْخَيْرِ صَالِحَ آمَالِكَ.
عَلِمْتُ مَا تَؤُمُّهُ[14] فِي مَخْرَجِكَ؛ مِنْ حَجِّ بَيْتِ الله ـــ تَبَارَكَ اسْمُهُ، وَزِيَارَةِ قَبْرِ نَبِيِّهِ ـــ عَلَيْهِ السَّلَامُ[15]، وَالْفَائِدَةِ مِنْ عِلْمِ الدِّيَانَةِ، عَنِ الْكُتُبِ مِنَ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، مَا تَرْجُو أَنْ يَعُودَ عَلَيْكَ نَفْعُهُ أَوَّلًا[16] وَأَخِيرًا؛ قَيَّضَ اللهُ لَكَ النُّجْحَ وَالسَّعَادَةَ، وَالرُّشْدَ وَالتَّوْفِيقَ، مِمَّا تَؤُمُّهُ وَتُؤَمِّلُهُ، وَتَقُولُهُ وَتَعْلَمُهُ[17].
فَاسْتَعِنْ بِتَقْوَى اللهِ، وَمُرَاقَبَتِهِ، فَإِنَّهَا حِصْنٌ مَنِيعٌ مِنْ مَكَارِهِ الدَّارَيْنِ، وَعَوْنٌ مُبَلِّغٌ إِلَى كُلِّ صَالِحَةٍ، مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَرُضْ[18] نَفْسَكَ عَلَى حُسْنِ الْخُلُقِ، وَالتَّخَلُّقِ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحَبِّبُكَ إِلَى الرَّفِيقِ وَالصَّاحِبِ، وَيَرْفَعُكَ عَمَّا يَسْفُلُ بِالنَّاسِ، وَيَضَعُ مِنْ أَقْدَارِهِمْ.
وَعَلَيْكَ بِالْأَخْذِ بِالْحَزْمِ فِيمَا أَنْتَ بِسَبِيلِهِ مِنْ سَفَرِكَ، وَلَا تَتَّكِلْ فِيهِ عَلَى الْهُوَيْنَا[19]، وَالصَّاحِبِ الْمُتَخَلِّفِ.
وَاحْتَرِسْ مِنَ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِّ، فِي رِفْقٍ وَسِتْرٍ وَرَجْعٍ لِلْأَذَى[20].
وَلَا تَغْفُلْ عَنِ التَّعَاهُدِ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ التَّذْكِرَةُ الْكُبْرَى، وَالْحِصْنُ الْمَنِيعُ، لِمَنْ أُسْعِدَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى.
وَلْيَكُنْ لَجَؤُكَ إِلَى اللهِ فِيمَا تَرْغَبُ فِيهِ، وَمُعَوَّلُكَ عَلَيْهِ، رَاغِبًا، وَسَائِلًا، وَرَاجِيًا، وَخَائِفًا، وَاسْتَعِنْ بِهِ، وَالْجَأْ إِلَيْهِ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ.
وَإِذَا أَحْسَسْتَ مِنْ أَحَدٍ تَقْوَى وَصِحَّةً؛ فَاشْدُدْ بِهِ يَدَيْكَ، وَجَامِلْ مَنْ لَا تَرْضَى حَالَهُ؛ مُجَامَلَةً لَا تُشَارِكُهُ بِهَا فِي جُرْمٍ، وَتَجْتَنِبُ[21] أَهْلَ الشَّرِّ وَالْبَاطِلِ مَا اسْتَطَعْتَ، فِي رِفْقٍ، وَلَا تُمَارِ سَفِيهًا، وَلَا تُرَاجِعْهُ، وَلَا تُهَازِلْهُ، وَعَلَيْكَ بِالرِّفْقِ وَلِينِ الْجَانِبِ؛ فَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَذَ وَأَبْلَغَ مِنَ الْعُنْفِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَبَعْضِ الْمَوَاطِنِ، وَالْغَرِيبُ أَوْلَى النَّاسِ بِذَلِكَ[22].
وَارْغَبْ -فِي كُلِّ بَلَدٍ تَرِدُهُ[23]- فِي خُلْطَةِ خِيَارِهِ، وَأَهْلِ الدِّيَانَةِ مِنْهُ، وَاقْنَعْ بِهِمْ وَإِنْ قَلُّوا، وَقَدْ تُؤَدِّيكَ ضَرُورَةٌ إِلَى أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى ذِي بَاطِلٍ وَظُلْمٍ؛ فَدَارِهِ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ فِي حَاجَتِكَ إِلَيْهِ.
وَكُلَّمَا رَغِبْتَ فِي عِلْمٍ تَقْتَبِسُهُ، وَتَطْلُبُهُ، وَتَرْوِيهِ، وَتَسْتَفِيدُهُ؛ فَمِنْ[24] أَوْثَقِ مَنْ تَجِدُهُ، وَأَقْرَبِهِمْ إِلَى التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ، وَحُسْنِ الْحَالِ.
وَإِذَا قَضَى اللهُ عَنْكَ فَرِيضَتَكَ، وَرُمْتَ[25] طَلَبَ الْعِلْمِ، فَإِنْ عُوفِيتَ مِنْ دُخُولِ الْعِرَاقِ؛ فَهُوَ أَسْلَمُ لَكَ[26]، وَإِنْ دَخَلْتَهُ؛ فَاحْذَرْ ثُمَّ احْذَرْ خُلْطَةَ أَهْلِ الْجَدَلِ وَالْكَلَامِ، وَإِنْ وَجَدْتَ مِنْ صَالِحِي رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ؛ فَخَالِطْهُمْ، دُونَ غَيْرِهِمْ[27].
وَإِنْ كَتَبْتَ الْحَدِيثَ؛ فَعَلَيْكَ بِصَحِيحِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ[28] أَهْلُهُ[29]، وَكِتَابُ الْبُخَارِيِّ لَا مِنْهُ كِفَايَةٌ، وَإِنْ كَتَبْتَ أَوِ اشْتَرَيْتَ مُصَنَّفًا فِي الْحَدِيثِ وَاخْتِلَافِ السَّلَفِ؛ فَمُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، إِنْ كَانَ يُوجَدُ رِوَايَةً، وَبَعْدَهُ مُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ.
وَإِنِ اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ اكْتَفَيْتَ بِمَا لَا يَجِدُ[30] مِنْهُ عِوَضًا.
وَإِنْ كَانَ لَكَ رَغْبَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيِّ؛ فَكِتَابُ ابْنِ الْجَهْمِ[31] إِنْ وَجَدْتَهُ، وَإِلَّا اكْتَفَيْتَ بِكِتَابِ الْأَبْهَرِيِّ[32] إِنْ كَسَبْتَهُ، وَكِتَابِ الْأَحْكَامِ، لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي[33]، وَإِلَّا اكْتَفَيْتَ بِاخْتِصَارِهَا لِبَكْرِ بْنِ الْعَلَاءِ[34]، وَالْكِتَابِ الْحَاوِي لِأَبِي الْفَرَجِ[35]؛ إِنْ كَسَبْتَهُ، فَفِيهِ فَوَائِدُ.
وَإِنِ اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ لِقِلَّةِ لَهَجِكِ بِالْحُجَّةِ؛ فَأَنْتَ عَنْهُ غَنِيٌّ بِمُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ[36]، أَوْ كِتَابِ الْأَبْهَرِيِّ[37].
وَأَحْسَنُ مَا كَسَبْتَ فِي الْفِقْهِ لِلْمَالِكِيِّينَ: كِتَابُ ابْنِ الْمَوَّازِ[38].
وَإِنْ دَخَلْتَ الْعِرَاقَ؛ فَاكْتُبْ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ مَا تَجِدُ لِأَهْلِ الْوَقْتِ مِنَ الْحُجَّةِ وَالِاسْتِدْلَالَاتِ.
وَإِنْ رَغِبْتَ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّفَاسِيرِ؛ فَتَفْسِيرٌ لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، إِنْ كَانَ يُوجَدُ، وَأَمَّا تَفْسِيرُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ حَسَنٌ، وَلَا أَدْرِي مَحَلَّ الرَّجُلِ عِنْدَ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي التَّمَسُّكِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَتَّهِمُهُ[39]، وَأَنَا لَا أُحَقِّقُ عَلَيْهِ.
وَلِإِسْمَاعِيلَ كِتَابُ الشَّوَاهِدِ[40]، فَلَوْ وُجِدَ لَكَانَ حَسَنًا.
وَالْمَنْهُومُ فِي الْكُتُبِ لَا يَشْبَعُ[41].
 وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُجَمِّلَكَ عَلَى أَجْمَلِ الطُّرُقِ، وَأَسْلَمِهَا، عَاقِبَةً وَعَاجِلَةً.
وَأَقَلُّ مِنْ هَذَا فِيهِ مَقْنَعٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ الله.
وَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاسْتَخِرْهُ، وَالْجَأْ فِي كُلِّ أَمْرٍ إِلَيْهِ، وَارْغَبْ إِلَيْهِ فِي السَّلَامَةِ مِنْ مَسَاخِطِهِ[42]، وَالْعَمَلِ بِمَحَابِّهِ، وَالشُّغُلِ بِأَرْضَى الْأَعْمَالِ عِنْدَهُ.
وَاللهُ وَلِيُّكَ، وَنَاصِرُكَ وَكَافِيكَ وَرَاعِيكَ؛ بِفَضْلِهِ وَدِفَاعِهِ[43]، وَرِفْقِهِ وَكِفَايَتِهِ.
وَلَنَا عَلَيْكَ أَنْ تَذْكُرَنَا فِي صَالِحِ الْمَشَاهِدِ، وَعِنْدَ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ الْحَمِيدَةِ[44]، وَعِنْدَ النِّيَّاتِ الْخَالِصَةِ، وَأَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكَ الْقَبُولَ وَالتَّوْفِيقَ بِرَحْمَتِهِ.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.

[ انتهتِ الرسالةُ ]







المصادرِ والمراجعِ:
1)   الإخنائية ـــ أو: الرد على الإخنائي ـــ لشيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، ت 728هـــ، تحقيق: أحمد بن مونس العنزي، دار الخرَّاز، المملكة العربية السعودية، جدة، 1420هـــ ـــ 2000م.
2)   ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، القاضي عياض بن موسى السِّبْتي ت 544هـ، تحقيق : د. علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1430هـ ـ 2009م.
3)   ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض بن موسى بن عياض السبتي، ت 544هـ، تحقيق: سعيد أحمد أعراب، المملكة المغربية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب، 1981م ـ 1401هـ.
4)   جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، لأبي عبد الله محمد بن فَتُّوح بن عبد الله الحُمَيدي، ت 488هـــ. الشاملة.
5)   الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، إبراهيم بن علي بن محمد، ابن فرحون ت 799هـ، تحقيق : د. علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1423هـ ـ 2003م.
6)   الذب عن مذهب مالك في غير شيء من أصوله وبعض مسائلَ من فروعه وكشف ما لبس به بعضُ أهل الخلاف وجهِله من محاجِّ الأسلاف، لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، ت 386هـ، تحقيق: د. محمد العلمي، مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، الرابطة المحمدية للعلماء، المغرب، الرباط، 1432هـ ـ 2011م.
7)   الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكَّت فيه من متشابه القرآن وتأوَّلته على غير تأويله، أحمد بن محمد بن حنبل، ت 241هـ، تحقيق: دغش بن شبيب العجمي، غراس، 1426هـ ـ 2005م.
8)   زيادة اختلاف فقهاء الأمصار في المختصر الصغير لعبد الله بن عبد الحكم، ت 214هـــ، لأبي القاسم، عبيد الله بن محمد، البَرقي، ت 291هـــ، دراسة وتحقيق: د. محمد بن عبد الله الحمادي، جمعية دار البر، الإمارات العربية المتحدة، دبي، 1433هـــ ـــ 2012م.
9)   سير أعلام النبلاء، للإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، ت 748هـ، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1403هـ ـ 1983م.
10)                      شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، محمد بن محمد مخلوف ت 1360هـ، تحقيق : د. علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1428هـ ـ 2007م.
11)                      فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، لشمس الدين أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي، ت 902 ه، تحقيق: د. عبد الكريم الخضير ود. محمد آل فهيد، مكتبة دار المنهاج، المملكة العربية السعودية، الرياض، 1426ه.
12)                      المخصص، لأبي الحسن علي بن إسماعيل، المعروف بابن سيده، ت 408 ه، تحقيق: خليل إبراهيم جفال، دار إحياء التراث العربي، لبنان، بيروت، 1417 ه ـ 1996م.
13)                      المصنفات في شرح المقدمة العقدية لرسالة ابن أبي زيد القيرواني ـــ عرض وتقويم، رسالتي العلمية، ولم تطبع بعد.
14)                      النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات، لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد القيرواني، ت 386هـ، تحقيق: أ. محمد الأمين بو خبزة، د. عبد الفتاح محمد الحلو، دار الغرب الإسلامي، 1999م.
15)                      النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين المبارك بن محمد الجزري، المعروف بابن الأثير، ت 606 ه، تحقيق: أ.د. أحمد بن محمد الخراط، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إدارة الشؤون الإسلامية، دولة قطر، 1434 ه ـ 2013م.



[1]  مقتبس من مقدمة الإمام أحمد لكتابه: الرد على الجهمية والزنادقة.
[2] جذوة المقتبس، لأبي عبد الله الحميدي، 40.
[3] سير أعلام النبلاء، 17/10.
[4] وهذه الرسالة تدور على إبطال نسبته إلى أهل الكلام، وانتسابِ أهل الكلام إليه، فقد تخيرتُ مجموعة من الشروح، وانتقيتُ من بين مخالفاتها العقدية: ما قاموا فيه بصَرْف كلام ابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ عن ظاهره الموافقِ لمذهب السلف إلى مذاهب المتكلمين، دون إيراد بقية المخالفات، فكان عملي فيها: الاحتجاجَ على أنه لم يُرد إلا ما أراده السلفُ الصالح في هذه المسائل.
[5] ترتيب المدارك، 3/250. الديباج المذهب، 1/378.
[6] الطبعة المغربية من ترتيب المدارك. 6/218.
[7] انظر للاستزادة والنظر في: بيانات الرسائل المدرجة، وفي بحث المحقق عن ناسخ المخطوطة: الذب عن مذهب مالك، مقدمة المحقق، 1/ 209 ـ 214.
[8] وهذه تعليقة مهمة لم ينبه عليها محققُ الذب عن مذهب مالك. وسبب ذلك فيما يظهرُ: أنه قد يكون اعتمد على مجموعة من النسخ المصورة تصويرًا عاديًّا عن النسخة الأصلية [ انظر: مقدمة الذب، 1/ 209 ] المبثوثة في المكتبات، وعندي إحداها أخذتها من مركز جمعة الماجد، بدبي، ورقمها: ( 233486 )، رقم اللقطة: ( 910 )، ولا تظهر هذه التعليقة فيها، وقد اعتمدتُ على مصورة حديثة، تقدمتُ بطلب تصويرها من المصدر نفسه في أيرلندا، فصورت تصويرًا ملونًا بالديجيتال، وقد ظهرت فيه هذه التعليقةُ، والله أعلم. وانظر: ملحقات ( ديوان ابن أبي زيد ) للاطلاع على مخطوطة القصيدة المذكورة.
[9] والذي قبلها مباشرة: رسالةٌ إلى طالب علم، وقبلَها: حكاياتُ نصائحَ عن بعض الأئمة يحكيها ابنُ أبي زيد، وقبلها: خطبة النكاح. وانظر: الذب عن مذهب مالك، 1/ 210.
ويحتمل ـ على بعد ـ أن يكون ابن بشكوال المذكور هو: محمد، أبو عبد الله، بن عمر بن يوسف بن بشكوال، المعروف بابن الفخار، الأندلسي، ت 419ه. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 2/ 41. الديباج المذهب، 1/ 144. وقد رحل ابن الفخار ـ رحمه الله ـ إلى المشرق وحج بيت الله ـ عز وجل ـ، كما في ترجمته.
[10] قدر كلمة أو كلمتين، لم أتبينْهما بعدُ.
[11] ولم ألتزم بالخط المغربي الذي فيها، ولا بالإشارة إلى الرسم الذي في المخطوط، حيث لا يترتبُ عليه شيء، مثل عدم التفريق في الرسم بين همزة القطع وهمزة الوصل، فترسمان جميعًا في المخطوط كهمزة الوصل، ونحو ذلك من الفروق اليسيرة غير المؤثرة.
[12] الظعن: السفر، بسكون العين وفتحها.
[13] وفوق كلمة ( من ): كلمة ( في ). وفي الهامش الأيمن كلمتان لم أتبينهما.
[14] رسمت هكذا: تأمه. والتي بعدها قريبًا رسمت هكذا: تؤمه. والأَمُّ: القصد. تقول: أَمَّ الشيء، إذا: قصده.
[15] يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـــ رحمه الله ـــ: ( الذي اتفق عليه السلفُ والخلف، وجاءت به الأحاديثُ الصحيحة؛ هو: السفر إلى مسجده، والصلاةُ والسلام عليه في مسجده، وطلبُ الوسيلة له، وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله؛ فهذا السفر مشروعٌ باتفاق المسلمين، سلفِهم وخلفِهم، وهذا هو مرادُ العلماء الذين قالوا: إنه يستحب السفر إلى زيارة قبر نبينا ـــ صلى الله عليه وسلم، فإن مرادهم بالسفر إلى زيارته؛ هو: السفر إلى مسجده ). الإخنائية، 351. وانظر في البيان والاحتجاج على مراد السلف بهذا الإطلاق: السابق، 351 ـــ 360. ويدل عليه ـــ هنا ـــ من كلام المصنف ـــ رحمه الله ـــ: أنه جعل الزيارة قسيمًا لحج بيت الله بمكة، من غير أن يذكر المسجد النبوي؛ فدل على أنه لم يرد الزيارة مجردة عن قصد المسجد، وهذا ظاهر بحمد الله.
[16] في المخطوط: أويلا، والظاهر أن الصواب ما أثبت.
[17] كذا، والمتبادر: تعمله، لمناسبة الكلمة قبلها.
[18] من الرياضة، أي: أدِّبها وعوِّدها وذلِّلها، حتى تنقاد لما تريده لها بسهولة، بعد أن كانت صعبة.
[19] قال ابن سيده: ( ويقال: هو يمشي الهوينى، أي: على تؤدة. وقد يستعمل الهوينى في غير المشي مما يُتَّأَدُ فيه، كالهوينى في الرعي، ويقال: هو يمشي الهوينى، وعلى هونه، وهِينته ). المخصص، 4/ 493. وكلمة ( الهوينى ) تكتب بالياء بحسب المعتمد في الرسم الإملائي، وأما ما في المخطوط فقد جرى على طريقة قديمة في الرسم.
[20] أي: لا يلزم من الاحتراس بسوء الظن: الشدة ونحوها، مما يخالف الرفقَ ونحوه.
[21] أي: وعليك ـ أيضًا ـ أن تجتنب.
[22] هنا ما يشبه الدائرة المنقوطة، وسوف تتكرر فيما بعد، وهي علامة على مقابلة المخطوط؛ كما قال الحافظ العراقي في ألفية الحديث (وتنبغي الدارةُ فصلًا، وارتضى *** إغفالَها الخطيبُ حتى يَعرِضا)؛ قال السخاوي في شرحه: (فكلما فرغ من عرض حديث ينقط في الدارة التي تليه نقطة). فتح المغيث 3/ 40.
[23] من الورود، الذي هو: الدخول.
[24] أي: فخذه واطلبه من أوثق إلخ.
[25] أي: قصدت.
[26] لانتشار الجدل والكلام فيها في ذلك الوقت، كما يدل عليه ما بعده، وقد كان الإمام يستشنع الجدلَ والكلام جدًّا. انظر على سبيل المثال: كلامَه في ذمه في كتاب: جذوة المقتبس، لأبي عبد الله الحميدي، 40.
[27] هنا دائرة منقوطة.
[28] محل هذه الكلمة كلمة لم أتبينْها، والرسمُ لا يساعد على ما أثبتُّ كثيرًا، لكنه الأقرب إلى الرسم مع السياق فيما يظهر، وتحتاج إلى مزيد تأمل.
[29] هنا دائرة منقوطة.
[30] أي: الطالب.
[31] أبو بكر، محمد بن أحمد بن محمد بن الجهم، ويعرف بابن الوراق المروزي، صحب أبا بكر، إسماعيلَ القاضي، وغيرَه، له كتابُ الردِّ على محمد بن الحسن، وكتاب بيان السنة؛ خمسون كتابًا، وكتاب مسائل الخلاف والحجة لمذهب مالك، وشرح مختصر ابن عبد الحكم الصغير، وغيرها، توفي سنة 329ه، وقيل: سنة 333ه. ترتيب المدارك، للقاضي عياض، 2/ 519ـــ520. الديباج المذهب، لابن فرحون، 2/ 170. ولعل ابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ يقصد من بين كتبه: كتاب ( مسائل الخلاف والحجة لمذهب مالك )، فهو أقربها إلى السياق. ولابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ عناية بكلام ابن الجهم ـــ رحمه الله، فقد نقل عنه في كتاب النوادر والزيادات، وذكر في صدر نوادره رواياته عن العلماء الذين أورد كلامهم فيه، فقال: ( وأنا أذكر لك رواياتي في هذه الدواوين )، فذكر مجموعة من الروايات، ثم قال: ( وكل ما ذكرت فيه عن ابن الجهم؛ فقد أُخبرت عنه به ). النوادر والزيادات، 1/ 12ـــ15. وكذلك اختصر ابن أبي زيد ـــ رحمه الله، كتابًا كبيرًا لابن الجهم ـــ رحمه الله، فقد شرح ابن الجهم ـــ رحمه الله ـــ المختصر الصغير، لابن عبد الحكم ـــ رحمه الله، في كتاب كبير، اختصره ابن أبي زيد ـــ رحمه الله، وسماه: ( المنتخب المستقصى ). انظر: ترتيب المدارك، للقاضي عياض، 1/ 674ـــ677. 2/ 519.
ملاحظة: جميعُ مَن ذكره ابن أبي زيد في رسالته من ابن الجهم إلى آخرها: إما من أهل العراق، أو نزل واستقرَّ بعد ذلك بالعراق، سوى ابنِ عبد الحكم، وابنِ المواز؛ فمن أهل مصر، وقد خرج ابنُ المواز من مصر إلى الشام في آخر أمره، ومات بها. فيظهرُ أن ابنَ أبي زيد استظهر كونَ الطالب سيدخل العراق للطلب، لهذا ركز على علماء العراق، ولهذا -والله أعلم- ذكر ابنَ جرير، مع أنه ليس عنده فيه كلام محقق؛ لأنه مظنة أن يحتاج الطالب إلى معرفة أي شيء عن كتابه، فذكر كل ما عنده عنه.
[32] أبو بكر، محمد بن عبد الله بن صالح، الأبهري، سكن بغداد، وكان إمامَ أصحابه في وقته، له: شرح المختصر الصغير، وشرح المختصر الكبير، كلاهما لابن عبد الحكم، وكتاب الرد على المزني، وكتاب إجماع أهل المدينة، ومسألة الجواب، والدلائل والعلل، وغير ذلك، وهو ممَّن استجازه المصنف ابن أبي زيد ـــ رحمه الله، ت 375هـــ. ترتيب المدارك، للقاضي عياض، 3/ 218ـــ225، الديباج المذهب، لابن فرحون، 2/ 190ـــ194. يقول ابن أبي زيد ـــ رحمه الله، في صدر نوارده، حين ذكر أسانيده: ( وما ذكرتُ فيه لبكر بن العلاء، وأبي بكر الأبهري، وأبي إسحاقَ بنِ القرطي؛ فقد كتبوا إليَّ به ). النوادر والزيادات، لابن أبي زيد، 1/ 12ـــ15. ولعل مراد ابن أبي زيد ـــ رحمه الله، بكتاب الأبهري: شرحه لمختصر ابن عبد الحكم الكبير، بقرينة الاقتران به فيما سيأتي من كلام ابن أبي زيد بعد أسطر. والله أعلم.
[33] القاضي إسماعيلُ بن إسحاقَ بنِ إسماعيل، المالكي، وهو ممن اعتنى بالاحتجاج لمذهب مالك، له من المؤلفات: الموطأ، وله كذلك: المبسوط، في الفقه، ومختصره، وكتاب أحكام القرآن، وكتاب معاني القرآن وإعرابه، وكتاب شواهد الموطأ، وهو كتاب كبير عظيم، وغير ذلك من التآليف، وعنه انتشر مذهبُ مالك في العراق، قال عنه المصنف ابنُ أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ: ( شيخ المالكيين في وقته، وإمامٌ تامُّ الإمامة، يُقتدى به ). ت 282هـــ. ترتيب المدارك، 2/ 270. الديباج المذهب، 1/ 248.
[34] أبو الفضل، بكر بن محمد بن العلاء، القشيري، وهو من أهل البصرة، وذُكرت له صحبة للقاضي إسماعيل، وانتقل إلى مصر، وهو من كبار فقهاء المالكيين، راوية للحديث، له: كتاب الأحكام، وهو الكتاب المختصر من كتاب القاضي إسماعيلَ بنِ إسحاق بالزيادة عليه، وكتاب الرد على المزني، وكتاب في مسائل الخلاف، ورسالة إلى مَن جهِل محلَّ مالك بن أنس من العلم، ت 344ه. ترتيب المدارك، 2/ 784. الديباج المذهب، 1/ 274. شجرة النور الزكية، 1/ 178. وتقدم في ترجمة الأبهري قريبًا: أن ابن أبي زيد أشار إلى نقله عنه في النوادر.
[35] أبو الفرج، عمرو بن محمد بن عمرو الليثي، القاضي، ويقال: ابن محمد بن عبد الله، البغدادي، صحب القاضي إسماعيل، وتفقه عليه، له الكتاب المعروف بالحاوي في مذهب مالك، وكتاب اللمع في أصول الفقه، روى عنه أبو بكر الأبهري، وغيره، توفي سنة 330ه، وقيل: 331ه. الديباج المذهب، لابن فرحون، 2/ 115. شجرة النور الزكية، لابن مخلوف، 1/ 177.
[36] أبو محمد، عبد الله بن عبد الحكم بنِ أعْيَنَ بنِ الليث، ممن سمع من مالك، له: المختصر الصغير، والمختصر الأوسط، والمختصر الأصغر، والمختصر الصغير، قصَره على علم الموطأ، والمختصر الأوسط صِنْفان، وقد اعتنى الناس بمختصراته ما لم يُعتَن بكتاب من كتب المذهب بعد الموطأ والمدونة، وعلى المختصرين: الكبير، والصغيرِ؛ معولُ المالكية ببغداد، وعليهما شرحُ الأبهري، الآتي ذكره، ت 214هـــ. ترتيب المدارك، 1/ 674. الديباج المذهب، 1/ 368. وليس في الديباج ( المختصر الأصغر )، بين ( المختصر الأوسط ) و ( المختصر الصغير ). ومختصرُ ابن عبد الحكم؛ هو من موارد ابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ في كتابه النوادر، وقد قال في سرد أسانيدِ مواردِه في المقدمة: ( ومختصر ابن عبد الحكم؛ حدثني به محمدُ بن مسرور، عن المقدام، عن عبد الله ). النوادر والزيادات، 1/ 12ـــ15. وقد اختصر ابنُ أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ شرحَ ابن جهم على المختصر الصغير، كما تقدم في ترجمة ابن الجهم قريبًا. والظاهرُ أن المراد بالمختصر ـــ هنا ـــ: الكبيرُ، لأنه الذي يحصل به الغَناءُ الذي أشار إليه ابن أبي زيد ـــ رحمه الله ـــ في صلب رسالته، وكذلك هو ـ كما يقول د. محمد بن عبد الله الحمادي ـــ: ( أشهرُ كتب عبد الله بن عبد الحكم، وأعظمُها، ولعله أكبرُها حجمًا ). مقدمة تحقيقه لكتاب ( زيادة اختلاف فقهاء الأمصار في المختصر الصغير لعبد الله بن الحكم )، لمؤلفه أبي القاسم عبيد الله البرقي. 85.
[37] تقدمت ترجمته قريبًا.
[38] محمد بن إبراهيم بن زياد، الإسكندراني، المعروف بابن الموَّاز، تفقه بجماعة؛ منهم ابنُ عبد الحكم، المتقدمُ ذكرُه، له كتاب كبير، هو أجلُّ كتاب ألفه قدماءُ المالكية، وأصحُّه مسائلَ، وأبسطُه كلامًا، وأوعَبُه، ورجَّحه أبو الحسن القابسي على سائر أمهات المذهب، وبيَّن أن وجهَ ذلك: أنه قصد على بناء الفروع على أصول المذهب، لا مجرد جمع الروايات، كما فعل غيرُه. وفيه جزء تكلم فيه على الشافعي، وعلى أهل العراق، بمسائلَ مِن أحسنِ كلامٍ وأنبَلِه، ت 269هـــ. ترتيب المدارك، 2/ 136. الديباج المذهب، 2/ 152.
ملاحظة: الناظر في ترجمة ابن أبي زيد، وترجمة القابسي، يجد بينهما صحبة وثيقة، ولأبي الحسن القابسي شرحٌ على رسالة ابن أبي زيد، وقد عده بعضُ المعاصرين من طلابه، ولم أجد ما يدل على أن القابسي أخذ عن ابن أبي زيد أخذَ تلميذٍ عن شيخه، لكن لا شك في انتفاع كل منهما بالآخر، وقد توافق رأيهما في كتاب ابن المواز، كما ترى في كلام ابن أبي زيد في هذه الرسالة، وكلام القابسي المنقول عنه في ترجمة ابن المواز، كما في ترتيب المدارك والديباج المذهب. على الإحالة المتقدمة. وكتاب ابن المواز: من موارد ابن أبي زيد في نوادره، قال في سياق ذكر أسانيده إلى الكتب التي اعتمد عليها: ( وأما كتب ابن المواز؛ فروايتي عن دَرَّاسِ بنِ إسماعيل، عن علي بن عبد الله بن أبي مطر، عن محمد بن إبراهيم بن المواز، وبعضُها عند ـــ كذا بإثبات الدال ـــ علي إجازةً ). النوادر والزيادات، 1/ 12ـــ 15.
[39] يقول الذهبي ـــ رحمه الله ـــ، ضمنَ ترجمةٍ حافلة لابن جرير، ت 310هـــ، ـــ رحمه الله ـــ: ( وكان ابنُ جرير من رجال الكمالِ، وشُنِّع عليه بيسيرِ تشيُّع، وما رأينا إلا الخيرَ ). سير أعلام النبلاء، 14/ 277.
[40] شواهد الموطأ، كما تقدم قريبًا في ترجمته، إلا أنه قد يكون كتاب شواهد لموطأ مالك، أو لموطئه هو، فقد ذكروا له في ترجمته موطأً له.
[41] ولما ذكر بعض الوصايا في الحرص على العلم في مقدمة النوادر، قال كذلك: ( والمنهوم لا يشبع ). 1/ 7.
[42] هنا دائرة فيها بدل النقطة خط ممدود من أعلاها إلى ما تحتها، ونحوها بعد كلمة ( وليك ) الآتية قريبًا، وهذا الخط يقوم مقام النقطة التي تشير إلى المقابلة. ينظر: فتح المغيث 3/ 40.
[43] كذا، فيما يظهر في الرسم.
[44] أي: مشاهد الحج، ومواطنه، كوقوفه بعرفةَ ونحوِها.