الخميس، 25 أغسطس 2016

رسائل ابن أبي زيد ( 2/ 3 ): ( الرسالة الأولى ) وهي ( ديوان الإمام أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله ).

ملاحظتان:
1ـ هذه الرسائل في طور الطباعة الورقية وإجراءاتها.
2ـ مجموع هذا الإصدار 3 مشاركات في هذه المدونة هذه إحداها.


ديوانُ الإمام أبي محمدٍ عبدِ الله بنِ أبي زيد القَيْرواني
( الملقبِ بمالك الصغير )
ت 386ه
رحمه الله تعالى
( مجموعٌ من متفرقِ قصائدِه ومقطوعاته )




جمعُ وتحقيقُ:
عمار سعيد خادم أحمد بن طوق المري




ديوانُ الإمام ابنِ أبي زيد القَيْرواني ( الملقبِ بمالكٍ الصغير )
ت 386ه
( مجموعٌ من متفرقِ قصائدِه ومقطوعاته )

        الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومَن تبِعهم بإحسان، واستَنَّ بسنتهم، واقتفى آثارَهم، إلى يوم الدين، أما بعدُ:
        فالعَلَمُ الإمام/ أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ أبي زيد القيرواني، المتوفى سنة 386ه ـ رحمه الله تعالى ـ أشهرُ من نارٍ على عَلَم، فهو العالم الجليل، الذي ذَكَّرَ الناسَ بمالكِ بنِ أنس، إمامِ دار الهجرة ـ رحمه الله تعالى ـ حتى لقَّبوه بمالك الصغير، فسارت كتبُه في الأقطار، مَسِيرَ الشمس في النهار.
        وهذا الإمامُ فقيهٌ مالكي، ومشاركٌ في جميع علوم الشريعة، ومع ذلك: له قصائدُ جميلةٌ بديعة، يذكرُها له المترجِمون، وينسُبُها إليه الناقلون، تدلُّ على إجلالٍ لربِّ الأرض والسماوات، ومحبةٍ للنبي محمدٍ ـ عليه أفضلُ الصلوات والتسليمات ـ وشفقةٍ ونُصح للبريَّات، وتدلُّ كذلك على: حسنِ تذوُّق للكلمات، وجمالِ صياغةٍ للعبارات، وتفاعُل في المراثي مع التوجُّعات.
        وقد رأيتُ أن أجمعَ أبياتَه المتناثرةَ ـ مما لم يُطبع من قبلُ، أو طُبع ضِمنَ كتب التراجِم ـ في موضعٍ واحد، أسميتُه: (ديوانَ الإمامِ ابن أبي زيد القيرواني ـ رحمه الله)، فجمعتُ كلَّ ما وقفتُ عليه مما نُسب إليه ـ رحمه الله ـ فوجدتُه لا يزيدُ على: ( 6 ) قصائدَ ومقطوعاتٍ، ولا يزيدُ مجموعُ أبياتها على: ( 139 ) بيتًا.
        وهي إجمالًا كما يلي:
1ـ القصيدةُ اللاميةُ في شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( قصيدةٌ في مدح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في مدح رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في شرفِ المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في البَعْث )[1]، وهي: 36 بيتًا.
2ـ قصيدةٌ في فضل العلم والحثِّ عليه، وهي: 18 بيتًا.
3ـ مقطوعةٌ[2] في الدفاع عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ وهي: 5 أبيات.
4ـ مقطوعةٌ كتَب بها إلى بعض أهلِ العلم، أو كُتب بها إليه، وهي: 3 أو 4 أبيات.
5ـ قصيدةٌ في رِثاء شيخِه أبي بكر، المعروفِ بابن اللبَّاد، وهي: 47 بيتًا.
6ـ قصيدةٌ في رثاء شيخِه أبي الفَضْل الـمُمْسي، وهي: 29 بيتًا.
وقد رتبتُها على هذا النحو، نظرًا إلى المعنى، وسيأتي تعريفٌ بكلِّ قصيدةٍ في موضعها ـ بإذن الله.
وكانت طريقتي في هذا العمل إجمالًا: ما يلي:
1ـ صَدَّرْتُ كلَّ قصيدة من هذه القصائد بعنوانٍ معبِّرٍ عن مضمونها، ثم بكلمةٍ في: ( التعريف بالقصيدة ) أو: ( التعريف بالمقطوعة )، أبينُ فيها أهمَّ ما يتعلقُ بهذه القصيدة أو المقطوعة، من جهة موضوعِها، وعددِ أبياتها، وملابساتِ كتابتها، ومن أينَ أخذتُها، بحسَبِ توفُّر المعلومات في كل ذلك، وسلكتُ مسلكَ الاختصار بقدرِ الإمكان، ثم عنونتُ بقولي: ( القصيدة ) أو: ( المقطوعة )، وذكرتُها بحسَبِ ما في الأصول.
2ـ بينتُ بحرَ كلِّ قصيدة من هذه القصائد قبلَ أولِ بيت من كل قصيدة.
3ـ ضبطتُ القصائدَ بالشَّكْل حرفًا حرفًا.
4ـ علقتُ على ما رأيتُ الحاجةَ داعيةً إلى التعليق عليه، من بيانِ معاني بعض الكلماتِ والصياغات، والإشارةِ إلى بعض الضرورات، مع مراعاة الاختصار.
5ـ ألحقتُ بالديوان نماذجَ مصورةً من المصادرِ المخطوطة.
        واللهَ ـ تباركَ وتعالى ـ أسألُ: أن يجعلَ هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، مُدْنِيًا ومقرِّبًا إليه، رافعًا لصاحبه في جنات النعيم، نافعًا له ولإخوانه المسلمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا وقدوتِنا وإمامِنا: محمدٍ، وعلى آله، وصَحْبِه، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

















1
القصيدةُ اللاميَّةُ في شفاعةِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم
( قصيدةٌ في مدح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في مدح رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في شرفِ المصطفَى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في البَعْث )[3].


التعريفُ بالقصيدة:

هذه قصيدةٌ لاميَّةٌ، من ( 36 ) بيتًا، بدأها ناظمُها ـ رحمه الله ـ بذكر غَفْلة الناس عن البعث، ثم ذكر شيئًا من مشاهدِ يوم القيامة، ثم بسَط فيها مشهدَ الشفاعة العظمى، الذي ظهر فيه شرفُ المصطفى محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم، وذكر ـ أيضًا ـ شفاعتَه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعُصاة الموحِّدين.
وقد اعتمدتُ في تحقيق هذا النظم على أربعِ نُسَخ خطيةٍ مختلفة:
 نسختان: صوَّرتهما من مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، بدبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، ورقماهما: (646854، 649989)، وكلتاهما جاء توصيفُ مصدره في قاعدة بيانات المركز، كالتالي: ( المصدر: مما حيدرة ـ الدولة: مالي ـ المدينة: تنبكتو )، وجاء اسمُ كل واحدة منهما في بيانات المركز هكذا: ( قصيدة لامية في شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم )، وقد رمزتُ لأُولَاهما بـ: ( أ )، وللثانيةِ بـ: ( ب ).
ونسختان: صوَّرهما لي فضيلةُ الشيخ/ عبدِ العزيز بن فيصل الراجحي ـ وفقه الله ـ من مركز الملك فيصل، بالمملكة العربية السعودية، بالرياض. مصدرُ إحداهما: ( المتحف البريطاني: 1617، إضافات: 26882 أ، الأوراق: 80 ـ 82 )، وقد سُميت في عددٍ من المصادر بأسماءٍ متنوعةِ الألفاظِ متحدةِ المعنى؛ وهي: قصيدةٌ في مدحِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في مدح رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو في شرفِ المصطفَى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورمزتُ لها بـ: ( ج ). والأخرى مصدرُها: المكتبةُ الوطنية، بباريس، ورقمُها هناك: ( 5675 )، وقد سُميت في بعض المصادر بـ: قصيدة في البَعْث، ورمزتُ لها بـ: ( د )[4].
وجميعُ الأسماء السابقة تنطبقُ على مضمون هذه القصيدةِ، لكني اخترتُ من بينِ تلك الأسماء اسمَ: ( القصيدةِ اللامية في شفاعةِ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم )، لأنه أدَلُّ على مضمونها من جميعِ الأسماء الأخرى المتقدِّمِ ذكرُها[5].
وسلكتُ في تحقيق هذه القصيدة مسلكَ النصِّ المختار، ولم ألتزمِ الإشارةَ إلى كل الفروق، وإنما أشيرُ إلى ذلك في الحاشية إذا كان ثَمَّ فائدةٌ من الإشارة، وقد زدتُ في القصيدة أحرُفًا وضعتُها بين معقوفتين [ ].
والقصيدةُ المذكورة: لا أعلمُ أحدًا من متقدِّمي المترجِمين لابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ نسَبَها إليه[6]، وإنما نسبها إليه المتأخِّرون؛ كما في:
ـ دائرة المعارفِ الإسلامية، لمجموعةٍ من المستشرقين[7].
ـ وكتاب العُمر في المصنَّفات والمؤلفين التونُسيِّين، لحسن حسني عبد الوهاب[8].
ـ وتاريخ التراث العربي، لفؤاد سزكين [9].
ـ وكتاب تراجِم المؤلفين التونسيين، لمحمد محفوظ[10].
وأحالَ هؤلاءِ على المتحف البريطاني.
وظنَّها الأخيرُ قصيدتين، فزاد في مصنفاتهِ القصيدةَ في البعث، وأحالَ على المكتبة الوطنية بباريس، جاعلًا القصيدةَ في البعث غيرَ القصيدة في شرفِ المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي في المتحف البريطاني[11]. وكذلك فعَلَ د. حمزة أبو فارس، وقال عن القصيدة في البعث: ( لم يذكُرْها أحدٌ ـ فيما أعلم ـ من أصحابِ التراجِم، لكن أشار إليها روجي إدريس في دائرة المعارف الإسلامية، مُعطيًا رقمها: ( 5675 )، في المكتبة الوطنية بباريس )[12].
والصوابُ: أنهما نسختان مختلفتان لقصيدةٍ واحدة.
        وكأنَّ هؤلاء جميعًا: اعتمدوا في نسبة هذه القصيدة إلى ابنِ أبي زيد ـ رحمه الله ـ على بيانات المخطوطات السابقة.
        ولا يُوجدُ ما يمنعُ صحةَ نسبة القصيدة إليه، لا من المنقول، ولا من المعقول ـ بالنظر إلى معنى الأبيات ومضمونها ـ وإن كان غِيابُ هذه القصيدة قرونًا متطاولةً عن ذكرها في كتب التراجِم، ثم ظهورُها في كتب معاصرة، ومخطوطاتٍ غير وافيةِ البيانات والمعلومات، منسوبةً إلى إمامٍ لا يخفَى مقامُه: يوقعُ في القلب رِيبةً؛ إذ مجردُ نسبةِ الكتاب إلى مثل هذا الإمامِ: مطلبٌ لمن أرادَ نشرَ شيء من تآليفِه في الآفاق.

القصيدةُ:

[ القصيدةُ اللاميَّة في شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم]

 [ بحر البسيط ]

1.   النَّاسُ قَدْ شُغِلُوا بِالْمَالِ وَالْأَمَلِ *** وَغَافَلُوا عَنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ
2.   ظَنُّوا بِأَنَّهُمُ لَا يُسْأَلُونَ غَدًا *** عَمَّا جَنَوْهُ مِنَ الْآثَامِ وَالزَّلَلِ
3.   فِي مَوْقِفٍ يَا لَهُ[13] شَابَ الْوَلِيدُ لَهُ *** وَالدَّمْعُ كَالْمُزْنِ تَهْمِي[14] مِنَ سَمَا[15] الْمُقَلِ
4.   وَهُمْ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مِثْلُ مَا خُلِقُوا *** بُهْمًا[16] وَغُرْلًا بِلَا شَكٍّ وَلَا خَبَلِ    
5.   وَالشَّمْسُ قَدْ وَقَفَتْ، لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمُ *** وَبَيْنَهَا: غَيْرُ مِيلٍ، وَهْيَ لَمْ تَفُلِ[17]
6.   وَالنَّاسُ قَدْ حُشِرُوا، وَالشَّمْسُ تُحْرِقُهُمْ *** وَهُمْ سُكَارَى لِمَا يَلْقَوْنَ مِنْ وَجَلِ
7.   قَدْ نَالَهُمْ عَرَقٌ بِقَدْرِ فِعْلِهِمُ *** وَالنَّاسُ كُلٌّ لِهَذَا غَيْرُ مُحْتَمِلِ
8.   وَقَدْ أَتَوْا آدَمًـ[ـا][18]، نَادَوْا بِأَجْمَعِهِمْ: *** اِشْفَعْ إِلَى رَبِّنَا الرَّحْمَنِ وَابْتَهِلِ
9.   نَادَاهُمُ: لَمْ أَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ؛ قَدْ *** عَصَيْتُ رَبِّي، وَإِنِّي الْيَوْمَ فِي خَجَلِ[19]
10.                      سَارُوا لِنُوحٍ فَنَادَوْهُ، فَقَالَ لَهُمْ *** ـ كَقَوْلِ آدَمَ ـ: إِنِّي الْيَوْمَ فِي وَجَلِ
11.                      إِنِّي دَعَوْتُ عَلَى قَوْمِي، فَلَسْتُ أَرَى *** لِنَفْسِيَ الْيَوْمَ مِنْ قَوْلٍ وَمِنْ عَمَلِ
12.                      قَالُوا: فَنَادُوا خَلِيلَ اللهِ، إِنَّ لَهُ *** جَاهًا، فَيَشْفَعُ عِنْدَ الْوَاحِدِ الْأَزَلِـ[ـي][20]
13.                      فَقَالَ: هَيْهَاتَ !، إِنِّي لَا أَرُومُ سِوَى *** خَلَاصِ نَفْسِي، وَهَذَا غَايَةُ الْأَمَلِ
14.                      وَبَعْدَهُ سَأَلُوا مُوسَى، فَقَالَ لَهُمْ: *** قَتَلْتُ نَفْسًا[21]، وَإِنِّي الْيَوْمَ فِي شُغُلِ
15.                      فَقَاصَدُوا نَحْوَ عِيسَى، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: *** إِنِّي اتُّخِذْتُ إِلَهًا[22]، لَيْسَ ذَلِكَ لِي
16.                      ثُمَّ أَتَوْا أَحْمَدَ الْمُخْتَارَ، فَهْوَ لَهَا *** نَادَوْهُ: يَا أَحْمَدٌ[23] !، يَا أَشْرَفَ الرُّسُلِ !
17.                      اِشْفَعْ لَنَا رَبَّنَا، لِفَصْلِ مَا بَيْنَنَا[24] *** طَالَ الْوُقُوفُ بِنَا فِي أَضْيَقِ السُّبُلِ
18.                      ثُمَّ يَخِرُّ شَفِيعًا[25] فِي تَذَلُّلِهِ *** يَقُولُ: فَاقْضِ فَأَنْتَ الدَّائِمُ الْأَزَلِـ[ـي]
19.                      وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقْضِي اللهُ بَيْنَهُمُ *** وَعَنْ قِوَامِ سَرَاحِ[26] الْعَدْلِ لَا تَسَلِ
20.                      فَيُدْخِلُ النَّارَ أَقْوَامًا بِزَلَّتِهِمْ[27] *** لَمْ يَدْرِ عَمَّا دَعَاهُمْ سَيِّدُ الرُّسُلِ
21.                      حَتَّى إِذَا أُنْفِذَتْ أَحْكَامُ خَالِقِهِمْ *** فِيهِمْ: تَدَارَكَهُمْ بِاللُّطْفِ عَنْ عَجَلِ
22.                      فَيَأْمُرُ اللهُ جِبْرِيلـً[ـا][28] يُحَدِّثُهُ *** بِمَا لَقُوهُ فَيَأْتِـيهِ بَلَا مَهَلِ
23.                      فَعِنْدَ ذَا يَسْجُدُ الْمُخْتَارُ مُبْتَهِلًا *** لِمَاجِدٍ لَمْ يَزَلْ يَعْفُو عَنِ الزَّلَلِ
24.                      إِذِ النِّدَاءُ مِنَ الرَّبِّ الْكَرِيمِ لَهُ: *** اِشْفَعْ تُشَفَّعْ ـ حَبِيبِي ! ـ ثُمَّ قُلْ وَسَلِ
25.                      يَخْرُجُ مِنْ نَارِنَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُنَا *** وَقَدْ عَصَانَا وَفِي نَارِ الْجَحِيمِ صُلِـ[ـي][29]
26.                      فَأَنْتَ[30] يَا أَحْمَدٌ، لَوْلَاكَ مَا خَرَجُوا *** مِنْهَا، وَلَا ظَفِرُوا بِالْعَفْوِ مِنْ قِبَلِـ[ـي]
27.                      لِأَنَّهُمْ سَلَكُوا طُرْقَ الْعُصَاةِ وَلَوْ *** تَابُوا: قَبِلْتُ لَهُمْ، قَبْلَ انْقِضَا الْأَجَلِ
28.                      فَيَخْرُجُونَ مِنَ النِّيرَانِ تَحْسِبُهُمْ *** ذَبَائِلَ[31] الْفَحْمِ كُلٌّ ذَابَ ثُمَّ جُلِـ[ـي][32]
29.                      حَتَّى إِذَا وَرَدُوا مَاءَ الْحَيَاةِ غَدَوْا *** مِثْلَ الْبُدُورِ الَّتِي لَاحَتْ مِنَ الْكِلَلِ[33]
30.                      فَيَدْخُلُونَ جِنَانًا طَالَ مَسْكَنُهُ *** نَعِيمُهُ لَمْ يَكُنْ عَنْهُمْ بِمُنْفَصِلِ
31.                      يَا أُمَّةَ[34] سَيِّدِ الْمُخْتَارِ إِنَّكُمُ *** لَأُمَّةٌ شَرُفَتْ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ
32.                      أَنْتُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا تَدْخُلُونَ غَدًا *** جَنَّاتِ عَدْنٍ وَمِنْكُمْ صَالِحٌ وَوَلِـ[ـي]
33.                      وَأَرْبَعُونَ سِوَاكُمْ يَدْخُلُونَ إِلَى *** جَنَّاتِ رَبِّهِمُ مِنْ سَائِرِ الْمِلَلِ
34.                      وَالْحَوضُ قَدْ خَصَّهُ رَبُّ السَّمَاءِ بِهِ *** وَمَاؤُهُ كَوْثَرٌ يَشْفِي مِنَ الْعِلَلِ[35]
35.                      وَالْأَنْبِيَاءُ غَدًا فِي الْحَشْرِ تَتْبَعُهُ *** تَحْتَ اللِّوَاءِ الَّتِي[36] أَعْطَاهُ فِي الْأَزَلِ
36.                      مَدَحْتُ خَيْرَ الْوَرَى أَرْجُو شَفَاعَتَهُ *** مِنْ خَالِقٍ جَلَّ عَنْ شِبْهٍ وَعَنْ مَثَلِ

[ تمَّت بحمد الله ]




2
قصيدةٌ في فَضْل العلمِ والحثِّ عليه

التعريفُ بالقصيدة:

        هذه القصيدة جليلةُ القَدْر، عظيمةُ البركة؛ ففيها الحثُّ على طلب العلم، وبيانُ فضله، وشرفُ منزلته، ورِفْعةُ أهله، وفيها بيانُ انحطاط منزلة ضدِّ ذلك: الجهلِ وأهلِه، مع التنبيه على الإخلاص لله ـ عز وجل ـ في طلب العلم، واللَّجَأِ إلى الله في تيسير تحصيلِه.
        وهذه القصيدةُ وُجدت ضِمْنَ مخطوطةِ كتابِ ( الذَّبِّ عن مذهب مالك )، للإمام ابنِ أبي زيد ـ رحمه الله ـ وهي مخطوطةٌ وحيدة لهذا الكتاب، محفوظةٌ برقم: ( 4475 )، بخِزانة تشستربيتي بدُبْلِنَ في أَيِرْلَنْدا، تقعُ هذه المخطوطةُ في ثلاثة أجزاءٍ، وأُدرِجت بعضُ الرسائل الغريبةُ عنها في آخِر الجزء الثاني[37]، منها هذه القصيدةُ، وتقعُ في صفحة واحدةٍ، جاء في أولِها: ( وقال أبو محمدٍ عبدُ اللهِ بنُ أبي زيدٍ الفقيهُ [ ... ][38] في طلب العلم )، ثم أوردَ القصيدةَ إلى آخرها، وقد كُتبت ملاحظةٌ في أسفل الصفحة على اليسار[39]، وهي: ( نقَلَها ابنُ بَشْكُوالَ مع ما قبلَها[40] من كلام ابن أبي زيدٍ ـــ رحمه الله [ ... ][41] ).
        وقد اعتمدتُ في عملي على هذه النسخةِ الوحيدة، وحاولتُ جُهدي أن أقرأَها وأكتبَها: قراءةً وكتابةً صحيحة موافِقة للمخطوط، وما كان من زيادتي فقد جعلتُه بين معقوفتين.










القصيدةُ:

[ قصيدةٌ في فضل العلمِ والحَثِّ عليه ]

          [ بحر البسيط ]

1ـ إِنِّي لَأَمْنَحُ نُصْحِي ثُمَّ أَبْذُلُهُ *** لِمَنْ بَغَى نَفْعَهُ عَنِّي وَيَقْبَلُهُ
2ـ يَا مَنْ يَرُوحُ وَيَغْدُو فِي مَطَالِبِهِ ! *** فَمَطْلَبٌ فَائِتٌ، لَوْ أَنْتَ نَائِلُهُ[42]
3ـ اَلْعُمْرُ يَذْهَبُ وَالْآمَالُ قَائِمَةٌ *** فَانْظُرْ لِعَزْمِكَ فِيمَا أَنْتَ شَاغِلُهُ
4ـ تَسْعَى لِأَمْرٍ وَلَمْ تُؤْمَرْ بِمَطْلَبِهِ *** جَهْلًا، وَتَتْرُكُ مَفْرُوضًا وَتُهْمِلُهُ
5ـ اَلْمَالُ يَفْنَى وَلَذَّاتُ النُّفُوسِ مَعًا *** وَالْعِلْمُ يُعْقِبُ خَيْرًا لَا نَفَادَ لَهُ
6ـ وَالْعِلْمُ أَشْرَفُ مَكْسُوبٍ فَخَرْتَ بَهِ *** وَالْجَهْلُ أَشْـ[ـأَ]مُ مَصْحُوبٍ تُوَاصِلُهُ
7ـ لَوْ نَالَ ذُو الْجَهْلِ مُلْكًا كَانَ ذَا ضَعَةٍ [43] *** وَذُو الْعُلُومِ مَعَ الْإِقْتَارِ يَفْضُلُهُ
8ـ وَرُبَّ ذِي هَيْئَةٍ[44] فِي النَّاسِ تَحْقِرُهُ *** إِنْ كَانَ يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ فَيَجْهَلُهُ
9ـ وَالْعِلْمُ أَزْيَنُ ثَوْبٍ أَنْتَ لَابِسُهُ *** وَالْعِلْمُ أَفْضَلُ مَحْمُولٍ تَحَمَّلُهُ[45]
10ـ وَالْجَهْلُ يُزْرِي بِذِي لُبٍّ وَذِي حَسَبٍ *** وَالْعِلْمُ يَرْفَعُ بَيْتًا لَا عِمَادَ لَهُ
11ـ لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ التَّعْلِيمِ مَنْزِلَةً *** وَلَا تَكُنْ أنِفًا عَمَّنْ تُسَائِلُهُ
12ـ يَا طَالِبَ الْعِلْمِ ! أَبْشِرْ فَي تَعَلُّمِهِ *** إِنْ كُنْتَ لِلَّهِ تَبْغِيهِ وَتَأْمُلُهُ
13ـ قَدْ[46] يَنْفَعُ الْعِلْمُ مَنْ لِلَّهِ يَطْلُبُهُ *** لَوْ كَانَ يَطْلُبُ حَرْفًا أَوْ يُحَاوِلُهُ
14ـ وَخَابَ حَظُّ الَّذِي لِلْخَلْقِ يَطْلُبُهُ *** لَوْ كَانَ جَامِعَهُ أَوْ كَانَ حَامِلَهُ
15ـ وَرُبَّ ذِي طَلَبٍ لِلْعِلْمِ لَيْسَ لَهُ *** وَزْنٌ، وَلَوْ كان فَلْسًا لَمْ يُعَادِلُهُ[47]
16ـ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِقْرَارًا بِنِعْمَتِهِ *** عَنْ كُلِّ نَعْمَائِهِ حَمْدًا يَحِقُّ لَهُ
17ـ هَذَا يُوَفِّقُهُ عَدْلًا[48] وَيُجْزِلُهُ *** وَذَاكَ يَحْرِمُهُ عَدْلًا وَيَخْذُلُهُ
18ـ فَارْغَبْ ـ أُخَيَّ ! ـ إِلَى ذِي الْمُلْكِ مُفْتَقِرًا *** فَعَلَّهُ وَاهِبٌ مَا أَنْتَ سَائِلُهُ

[ تمَّت بحمدِ الله ]


3
مقطوعةٌ في الدِّفاعِ عن الإمامِ مالكٍ ـ رحمه الله

التعريفُ بالمقطوعة:

هي مقطوعةٌ من خمسةِ أبياتٍ، أوردها القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في ترتيبِ المدارك[49] في: ( بابِ: ما قِيل في مالكٍ من الشعر في حياته وبعدَ وفاته )، فَصَدَّرَهَا ـ رحمه الله ـ بقوله: ( وقال أبو محمد ابن أبي زيد لبعض مَن ناقضَ قولَ مالك ـ رحمه الله ـ )، ولم يُبيِّنْ مَن هو، ولم أقِفْ عليه[50].
وقد اعتمدتُ فيها على المطبوع من ترتيب المدارك، طبعةِ وَزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة المغربية، وقابلتُها على طبعة مكتبةِ الثقافة الدينية، لزيادة الاطمئنان[51].




المقطوعةُ:

[ مقطوعةٌ في الدِّفاع عن الإمامِ مالكٍ ـ رحمه الله]

    [ بحر المتقارب ]

1ـ تَخَطَّيْتَ خَفْضَ نُجُومِ السَّمَاءِ *** وَهَذَا هُوَ الْأَمَلُ الْكَاذِبُ
2ـ تَرُومُ إِمَامَ الْهُدَى مَالِكًا *** وَذَاكَ هُوَ الْجَبَلُ الرَّاسِبُ[52]
3ـ فَمَا أَثَّرَ الذَّرُّ فِي صَخْرَةٍ *** وَمَجْهُودُهُ قَائِمٌ رَاتِبٌ
4ـ بِدُونِ مَنَالِكَ مِنْ مَالِكٍ *** فَدُونَكَ هَذَا الرَّجَا الْخَائِبُ
5ـ وَإَنَّكَ مِنْ دُونِ مَا رُمْتَهُ *** بَعِيدٌ كَمَا بَعُدَ الثَّاقِبُ





4
مقطوعةٌ كتَب بها إلى بعض أهلِ العلم أو كُتِب بها إليه

التعريفُ بالمقطوعة:

        هذه المقطوعةُ الشعرية فيها إشكالٌ من جهةِ النِّسْبة؛ مَنِ القائل؟ وإلى مَن أُرسِلت؟ وفي أيِّ شيء قِيلت؟ وكم عددُ أبياتِها؟
        فقيل: إنها أُرسِلت مِنِ ابن أبي زيد إلى أبي بكر الأَبْهَري[53].
        وقيل: إنها أُرسِلت من أبي بكر الأبهري إلى ابنِ أبي زيد.
        وقيل: إنها أرسلت من ابنِ أبي زيد إلى أبي الحسن القابِسي[54].
        فأمَّا الأولُ: فقد ذكره القاضي عياض ـ رحمه الله ـ في ترتيب المدارك[55]، إذ قال: ( ويُذكَر أن أبا محمد ـ رحمه الله تعالى ـ كتب إلى أبي بكرٍ الأبهريِّ ـ رضي الله عنه)، فذكر الأبياتَ، وهي ثلاثة.
        وأما الثاني: فقد ذكره ابنُ ناجي في إكمال معالمِ الإيمان[56]، وذكر معه قصةً في بيان سببِ تأليف هذه الأبياتِ، فقال: ( ولَمَّا فرَغ من تأليفها [ أي: لَمَّا فرَغ ابنُ أبي زيد ـ رحمه الله ـ من تأليف الرسالة الفقهية ] كتب منها نسختين:
وبعث بواحدة إلى أبي بكر الأبهري ببغدادَ، فوصَلت إليه، فأظهر الفرحَ بها، وأشاع خبرَها بين الناس، وأثنى عليها وعلى مؤلِّفِها، وأمر ببيعِها ليُحسِنَ بثمنِها إلى الواصل بها، فبِيعَت بمائتَيْ دينارٍ دراهمَ، فقال: لا تُباعُ إلا وزنًا بوزن، فَفُعِلَ ذلك، فجاء وزنُها ثلاثَمئةِ دينار ونيفًا.
وبعث بالأخرى إلى أبي بكر بن أبي زَرْب بقرطبةَ، فوصَلت إليه، فأخفاها، وأخذ في تأليفِ كتاب ( الخِصال ) عِوَضَها، فبعد ذلك أظهرَها، فقال لسانُ الحال: ( وطَّئوا ووطَّأنا وسيَظهَر ما كان لله )، فكتب أبو محمدٍ إلى الأبهري يُخبره بما فعل ابنُ زرب، فراجعه الأبهريُّ برسالة، يقولُ فيها ). فذكر الأبياتَ، وهي أربعةٌ.
        وأما الثالثُ: فقد ذكره القُضاعي في التكملة لكتاب الصلة، بقوله: ( وقرأتُ بخطه[57]: كتب أبو محمد بن أبي زيد إلى أبي الحسن القابسي ). فذكر الأبياتَ، وهي أربعةٌ كذلك.
        وقد اعتمدتُ في كتابة هذه المقطوعاتِ على النُّسَخ المطبوعةِ، ونُسَخِ المكتبة الشاملة، مقابِلًا ما تيسَّر لي مقابلتُه بأكثرَ من نسخةٍ للاطمئنان، متخيِّرًا بين الألفاظ إن تعدَّدَتْ، من غيرِ أن ألتزمَ الإشارةَ إلى الفروق، وقد رأيتُ أن أَفصِلَ الرواياتِ السابقةَ في إيراد المقطوعات؛ لكثرة ما فيها مِنِ اختلافاتٍ دقيقة في الألفاظ، مع الاختلاف في النسبة على ما تقدَّم.

المقطوعةُ:

[ مقطوعةٌ كتَب بها إلى بعضِ أهلِ العلم أو كُتِب بها إليه ]

                                                                        [ مخلَّع البسيط ]

روايةُ كتابِ ترتيب المدارك:
1ـ تَأْبَى قُلُوبٌ قُلُوبَ قَوْمٍ *** وَمَا لَهَا عِنْدَهَا ذُنُوبُ[58]
2ـ وَتَصْطَفِي أَنْفُسٌ نُفُوسًا *** وَمَا لَهَا عِنْدَهَا نَصِيبُ
3ـ مَا ذَاكَ إِلَّا لِمُضْمَرَاتٍ *** أَضْمَرَهَا الشَّاهِدُ الرَّقِيبُ

روايةُ كتابِ تكميل معالم الإيمان:
1ـ أَعْجَبُ مَا فِي الْأُمُورِ عِنْدِي *** إِظْهَارُ مَا تَدَّعِي الْقُلُوبُ
2ـ تَأْبَى نُفُوسٌ نُفُوسَ قَوْمٍ *** وَمَا لَهُمْ عِنْدَهُمْ ذُنُوبُ
3ـ وَتَصْطَفِي أَنْفُسٌ نُفُوسًا *** وَمَا لَهَا عِنْدَهُمْ عُيُوبُ
4ـ مَا ذَاكَ إِلَّا لِمُضْمَرَاتٍ *** يَعْلَمُهَا الشَّاهِدُ الرَّقِيبُ

روايةُ كتابِ التكملة لكتاب الصلة:
1ـ أَعْجَبُ مَا فِي الْأُمُورِ عِنْدِي *** إِضْمَارُ مَا تَدَّعِي الْقُلُوبُ
2ـ تَأْبَى نُفُوسٌ نُفُوسَ قَوْمٍ *** وَمَا لَهَا عِنْدَهَا ذُنُوبُ
3ـ وَتَصْطَفِي أَنْفُسٌ نُفُوسًا *** وَمَا لَهَا عِنْدَهَا عُيُوبُ
4ـ مَا ذَاكَ إِلَّا لِمُضْمَرَاتٍ *** يَعْلَمُهَا الشَّاهِدُ الرَّقِيبُ










5
قصيدةُ ابن أبي زيد ـ رحمه الله تعالى ـ في رِثاء شيخه أبي بكر، المعروف بابن اللبَّاد، ت 333ه ـ رحمه الله تعالى.

التعريفُ بالقصيدة:

هذه القصيدةُ كتبها الإمامُ ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ رِثاءً لشيخه أبي بكر، محمدِ بن محمد بن وشاح، المعروفِ بابن اللبَّاد، القيروانيِّ، ت 333ه ـ رحمه الله تعالى[59]، وهو أحدُ مَن عوَّل عليهمُ ابنُ أبي زيد ـ رحمه الله ـ في التفقُّه، وكان من خواصِّ الآخِذين عنه، وسترى منزلةَ هذا الشيخِ الجليل في قلب ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ في توجُّعات هذه القصيدة.
تقعُ القصيدةُ في: 47 بيتًا، أوردها كاملةً: أبو بكرٍ، عبدُ الله بن محمد، المالكي، ت بعد 464هـ ـ رحمه الله ـ صاحبُ رياضِ النفوس في طبقات علماءِ القيروان وإفريقية، فقال: ( لَمَّا تُوفي، رحمه الله، يعني: أبا بكر بنَ اللباد، رثاه أبو محمد بن أبي زيد، الفقيهُ، بمَرْثِيَةٍ حسنة، أنشَدَنِيها أبو عبد الله، الحسينُ بنُ أبي العباس، الفقيهُ ) [60]، ثم أورد جميعَها، وأوردَ القاضي عياضٌ ـ رحمه الله ـ في ترتيب المدارك بعضَ أبياتها[61].
وقد اعتمدتُ في إخراج القصيدة على المطبوع من رياض النفوس[62]، وقابلتُ القصيدةَ بمخطوطتين للكتاب نفسِه، صوَّرتهما من مركز جمعةَ الماجد بدولة الإمارات العربية المتحدة بدبي، إحداهما برقم: ( 452272 )، ورمزتُ لها بـ: ( أ ). والثانيةُ برقم: ( 434676 )، ورمزتُ لها بـ: ( ب )[63].  وقابلتُ الأبياتَ التي أوردها القاضي عياضٌ في ترتيب المدارك بما تقدَّم، على ثلاثِ طَبَعاتٍ مختلفة[64]؛ لزيادة الاطمئنان. وسلكتُ فيها ما سلكتُه في القصائد المتقدمة؛ منِ: انتهاجِ منهجِ النصِّ المختار، مع الإشارة إلى الفروق عند الحاجة فقط.









القصيدةُ:

[ قصيدةُ ابنِ أبي زيد ـ رحمه الله تعالى ـ في رِثاءِ شيخه أبي بكر، المعروفِ بابن اللبَّاد، ت 333ه ـ رحمه الله تعالى]

                                                                     [ بحر البسيط ]

1.   يَا مَنْ لِمُسْتَعْذِبٍ فِي لَيْلِهِ حَزِنَا *** مُسْتَوْطِنٍ مِنْ بَقَايَا دَائِهِ وَطَنَا!
2.   بُدِّلْتُ ـ بَعْدَ لَذِيذِ الْعَيْشِ ـ فِي كَبِدِي: *** جَمْرًا وَحُزْنًا نَفَى عَنْ مُقْلَتِي الْوَسَنَا
3.   وَبِتُّ لِلنَّجْمِ أَرْعَاهُ أَخَا سَهَرٍ *** وَالْوُرْقُ تَنْدُبُ فِي تَغْرِيدِهَا سَكَنَا
4.   فَهَيَّجَتْ سَقَمًا مِنْ قَلْبِ مُكْتَئِبٍ *** وَبِتُّ أُسْعِدُهَا حِينًا وَتُسْعِدُنَا[65]
5.   مَا لِلَّذَاذَةِ قَدْ مَاتَتْ، وَقَدْ جُنِيَتْ *** مَرَارَةُ الْعَيْشِ، وَاللَّذَاتُ تَهْجُرُنَا
6.   وَالْقَلْبُ يَشْهَدُ عَنْ قَلْبِ الْكَئِيبِ وَعَنْ *** جَمْرٍ بِأَحْشَائِهِ قَدْ أُوْقِدَتْ شَجَنَا
7.   قُلْ لِلْجُفُونِ وَلِلْأَحْشَاءِ إِذْ نُكِبَا[66]: *** لَا تَبْكِيَا طَلَلًا عَافٍ وَلَا دِمَنَا[67]
8.   يَا عَيْنُ! وَابْكِي لِمَنْ فِي فَقْدِهِ فُقِدَتْ *** جَوَامِعُ الْعِلْمِ وَالْخَيْرَاتِ إِذْ دُفِنَا
9.   رَيْبُ الْحَوَادِثِ لَا تَرْثِي إِذَا طَرَقَتْ *** عَلَى قَبِيحٍ وَلَا تُبْقِي لَنَا حَسَنَا
10.                      وَالْمَوْتُ لَا بُدَّ يَغْشَى الْخَلْقَ كُلَّهُمُ *** لَكِنْ بِأَهْلِ التُّقَى وَالْعِلْمِ يَفْجَعُنَا
11.                      لَوْ كُنْتَ تَقْبَلُ مِنَّا عَنْهُمُ عِوَضًا *** لَكَانَ مِنْكَ نُفَادِيهِمْ بِأَنْفُسِنَا
12.                      يَا مَوْتُ! لَمْ تَزَلِ الْأَيَّامُ مُخْبِرَةً *** عَمَّا صَنَعْتَ، وَرَيْبُ الْحَادِثَاتِ؛ بِنَا
13.                      جَوَامِعُ الْحَيِّ قَدْ عَزَّتْ مَطَالِبُهَا *** وَقَدْ نَأَى كُلُّ مَحْبُوبٍ إِلَيْكَ دَنَا
14.                      يَا طُولَ شَوْقِي إِلَى مَنْ غَابَ مَنْظَرُهُ *** وَذِكْرُهُ فِي جَوَى الْأَحْشَاءِ قَدْ سَكَنَا!
15.                      لَهْفِي عَلَى مَيِّتٍ مَاتَتْ بِهِ سُبُلُ الْـ *** خَيْرَاتِ قَدْ كَانَ أَحْيَا الدِّينَ وَالسُّنَنَا
16.                      نَفْسِي تَقِيكَ أَبَا بَكْرٍ! وَلَوْ قُبِلَتْ[68] *** فَدَتْكَ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ إِلَيكَ دَنَا
17.                      إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وَابِلَهَا *** فَنَحْنُ بَعْدَكَ نَلْقَى الضَّيْمَ وَالْفِتَنَا
18.                      وَنَحْنُ بَعْدَكَ أَيْتَامٌ بِغَيْرِ أَبٍ *** إِذْ غَيَّبَ التُّرْبُ عَنَّا وَجْهَكَ الْحَسَنَا
19.                      أَلَا سَقَى الله قَبْرًا فِيهِ أَعْظُمُهُ *** غَيْثًا تُرَوَّى[69] بِهِ الْأَرْضُ الَّتِي سَكَنَا
20.                      للهِ دَرُّكَ مِنْ قَبْرٍ دُفِنْتَ بِهِ *** وَحَبَّذَا ذَلِكَ الْحُسْنُ الَّذِي دُفِنَا
21.                      وَحَبَّذَا أَنْتَ مِنْ نَفْسٍ مُطَهَّرَةٍ *** وَحَبَّذَا أَنْتَ مِنْ رُوحٍ رَقَى فَدَنَا=
22.                      مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِذْ تَمَّتْ نَقِيبَتُهُ *** وَقَامَ بِالْحَقِّ فِي الدُّنْيَا فَمَا وَهَنَا
23.                      حَتَّى اسْتَنَارَ بِهِ الْإِيمَانُ فِي بَلَدٍ *** لَوْلَاهُ مَاتَ بِهِ الْإِيمَانُ وَانْدَفَنَا
24.                      مَنْ كَانَ فِي اللهِ قَدْ صَحَّتْ بَصِيرَتُهُ *** وَقَامَ فِي مَوْقِفٍ قَدْ كَانَ أَعْجَزَنَا
25.                      وَجَادَ بِالنَّفْسِ عَنْ دِينِ الْإِلَهِ وَلَمْ *** يَمِلْ كَمَا مَالَ مَنْ دَاجَى[70] وَمَنْ رَكَنَا
26.                      قَدْ كَانَ يَعْتَزُّ بِالرَّحْمَنِ إِذْ قَصَدُوا *** لِذُلِّهِ بِهَوَانِ السَّجْنِ[71] إِذْ سُجِنَا
27.                      كَمْ مِحْنَةٍ طَرَقَتْهُ فِي الْإِلَهِ[72] فَلَمْ *** يَجِدْ لِذَلِكَ إِذْ فِي رَبِّهِ امْتُحِنَا
28.                      بَلْ كَانَ حِصْنًا لِدِينِ اللهِ يَنْصُرُهُ *** وَيَحْتَمِي[73] غَضَبًا للهِ إِنْ فُتِنَا
29.                      إِنْ صَالَ فِي اللهِ لَمْ يَرْهَبْ عَوَاذِلَهُ *** وَلَا مَلَامَةَ مَنْ فِي قَوْلِهِ طَعَنَا
30.                      اَلصِّدْقُ حِلْيَتُهُ، وَالْعِلْمُ خَلَّتُهُ *** وَالدِّينُ رُتْبَتُهُ، وَاللهُ شَاهِدُنَا
31.                      تَاللهِ لَا قَرَّتِ الْعَيْنَانِ بَعْدَ أَبِي *** بَكْرٍ بِمِثْلِ أَبِي بَكْرٍ يَكُونُ لَنَا
32.                      كَيْفَ الْعَزَا بَعْدَ شَيْخِ الْمُسْلِمِينَ؟! نَعَمْ *** وهْوَ الْإِمَامُ الَّذِي قَدْ كَانَ قُدْوَتَنَا
33.                      قَدْ زَيَّدَ الْحَقَّ تِبْيَانًا وَأَوْضَحَهُ[74] *** وَبَعْدَ جَهْلٍ بِنَا قَدْ كَانَ بَصَّرَنَا
34.                      أَبٌ لِأَصْغَرِنَا، كِفْلٌ[75] لِأَكْبَرِنَا *** وَفِي النَّوَازِلِ مَلْجَانَا وَمَفْزَعُنَا[76]
35.                      يَا مَنْ هُوَ الْعَلَمُ الْمَشْهُورُ مَنْظَرُهُ *** وَمَنْ تَأَدَّبَ بِالتَّقْوَى وَأَدَّبَنَا!
36.                      أَبْدَى لَنَا سُبُلًا فِي الْعِلْمِ شَافِيَةً *** وَمَشْرَبًا عَذُبَتْ مِنْهُ مَشَارِبُنَا
37.                      يَا مَفْزَعًا فِي جَمِيعِ النَّائِبَاتِ! أَلَا *** مِنْ بَعْدِ فَقْدِكَ قَدْ سُدَّتْ مَسَالِكُنَا[77]
38.                      يَا مَنْ بِهِ كُنْتُ فِي الْأَحْيَاءِ ذَا جَلَدٍ! *** لَمْ يُبْقِ مَوْتُكَ لِي رُوحًا وَلَا بَدَنَا
39.                      وَمَنْ يُفَرِّجُ أَحْزَانِي إِذَا طَرَقَتْ *** وَمَنْ بِهِ اللهُ أَهْدَانَا[78] وَأَرْشَدَنَا
40.                      وَمَنْ بِهِ تُكْشَفُ الظَّلْمَاءُ إِنْ نَزَلَتْ *** وَمَنْ بِدَعْوَتِهِ الرَّحْمَنُ يَنْفَعُنَا
41.                      أَبْكِي لِمَنْ نَطَقَتْ عَنْهُ مَفَاخِرُهُ *** وَاللهُ فِيهِ مَعَالِي الْخَيْرِ أَشْهَدَنَا
42.                      حَوَيْتَ ـ يَا قَبْرُ! ـ أَجْبَالَ الْعُلُومِ وَقَدْ *** أَطْفَأْتَ[79] عَنَّا سِرَاجًا كَانَ نَوَّرَنَا
43.                      يَا قَبْرُ! إِنْ لَمْ تَكُنْ تَرْثِي لِمِيتَتِهِ *** أَلَا رَثَيْتَ لَنَا إِذْ عَنْهُ تُبْعِدُنَا؟!
44.                      نَعَمْ، وَيَا أَيُّهَا الْمَقْبُورُ فِي جَدَثٍ *** وَمَنْ تَبَدَّلَ مِنْ أَثْوَابِهِ كَفَنَا!
45.                      بُدِّلْتَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا وَعِيشَتِهَا *** بِجَنَّةِ الْخُلْدِ لَا تَلْقَى بِهَا الْمِحَنَا[80]
46.                      عَلَى الْأَرَائِكِ فِي مُلْكٍ عَلَى فُرُشٍ *** مَعْ قَاصِرَاتٍ بِدَارِ الْخُلْدِ قَدْ أَمِنَا
47.                      وَاجْمَعْهَ يَا رَبِّ مَعْ قَوْمٍ أَحَبَّهُمُ *** حُبًّا لِوَجْهِكَ لَمْ يَطْلُبْ لَهُ ثَمَنَا












6
قصيدةٌ في رِثاءِ ابنِ أبي زيدٍ ـ رحمه الله تعالى ـ لشيخِه أبي الفضل الـمُمْسي، ت 333ه ـ رحمه الله تعالى.

التعريفُ بالقصيدة:

هذه القصيدةُ كتبها الإمامُ ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ رثاءً لشيخه أبي الفضل، العباسِ بنِ عيسى بن محمد، الممسي، ت 333ه ـ رحمه الله تعالى[81]،  وهو أحدُ مَن عوَّل عليهم ابنُ أبي زيد ـ رحمه الله ـ في التفقُّه، كشيخه السابقِ ابنِ اللبَّاد ـ رحمه الله ـ وكان أبو الفضل ممَّن شارك في جهاد العُبَيديين الملاحدةِ، سنة 333ه، وكانت وفاتُه ـ رحمه الله ـ في تلك الوَقْعة[82].
والقصيدةُ التي رثى بها ابنُ أبي زيد ـ رحمه الله ـ شيخَه أبا الفضل ـ رحمه الله ـ: لم أقف على مَن أوردَها كاملةً، وإنما أورد منها المترجمون أبياتًا، وكان أكثرَ مَن أورد من أبيات: أبو بكر المالكي ـ رحمه الله ـ في رياض النفوس[83]، فقد انتقى منها 29 بيتًا، وصدَّر ذلك بقوله: ( لأبي محمدِ بنِ أبي زيد، الفقيهِ، مرثيَةٌ مطوَّلة، يرثي بها أبا الفضل الممسي، يقولُ في بعضها )، وأورد القاضي عياضٌ في ترتيب المدارك[84] أقلَّ من ذلك[85]، وصدَّرها بقوله: ( ورثاه أبو محمدِ بنُ أبي زيد بقصيدة جيدة، أولُها: ... ).
وقد اعتمدتُ في إخراج القصيدة على ما اعتمدتُ عليه مِن نُسَخ في إخراج القصيدة التي قبلها، وسلكتُ فيها ما سلكتُ في منهج إخراج القصيدة السابقة[86].













القصيدةُ:

[ قصيدةٌ في رِثاء ابنِ أبي زيد ـ رحمه الله تعالى ـ لشيخه أبي الفضل الممسي، ت 333ه ـ رحمه الله تعالى ]

                                                                     [ بحر الكامل ]

1.   يَا نَاصِرًا لِلدِّينِ قُمْتَ مُسَارِعًا *** وَبَذَلْتَ نَفْسَكَ مُخْلِصًا وَمُرِيدَا
2.   وَذَبَبْتَ عَنْ دِينِ الْإِلَهِ مُجَاهِدًا *** وَابْتَعْتَ بَيْعًا رَابِحًا مَحْمُودَا
3.   عَهْدِي بِهِ بَيْنَ الْأَسِنَّةِ لَمْ يَكُنْ *** للهِ ـ عِنْدَ لِقَا الْعَدُوِّ ـ كَنُودَا[87]
4.   حَتَّى تَخَيَّرَهُ الْجَلِيلُ لِدَارِهِ *** وَأَنَالَهُ حُورًا بِهَا وَخُلُودَا[88]
5.   فَعَلَيْكَ أَبْكِي ـ يَا ابْنَ عِيسَى ! ـ مَا بَكَتْ *** قُمْرِيَّةٌ أَوْ غَرَّدَتْ تَغْرِيدَا
6.   يَا لَوْعَةً طَرَقَتْ فُؤَادِي إِذْ أَتَى *** نَاعٍ بِفَقْدِكَ إِذْ فُقِدْتَ شَهِيدَا !
7.   كَانَتْ حَيَاتُكَ طَاعَةً وَعِبَادَةً *** فَسَعِدْتَ فِي الْمَحْيَا وَمِتَّ سَعِيدَا
8.   للهِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ أَحْوَالُهُ *** وَعَلَتْ مَنَاقِبُهُ فَعَاشَ حَمِيدَا
9.   وَبَنَى الْمَفَاخِرَ وَامْتَطَى دَرَجَاتِهَا *** حَتَّى ارْتَقَى مَا كَانَ مِنْهُ بَعِيدَا
10.                      يَا قُرَّةً لِلنَّاظِرِينَ وَعِصْمَةً *** لِلْمُسْلِمِينَ وَعُدَّةً وَعَدِيدَا !
11.                      يَا فَاتِقَ الرَّتْقِ الْخَفِيِّ بِعِلْمِهِ *** وَمُبَيِّنًا لِلْمُشْكِلَاتِ مُفِيدَا !
12.                      جَمَّعْتَ كُلَّ فَضِيلَةٍ وَنَقِيبَةٍ *** وَحَوَيْتَ عِلْمًا طَارِفًا وَتَلِيدَا
13.                      ذَلَّتْ صِعَابُ الْعِلْمِ إِذْ بَاشَرْتَهُ *** هَذَّبْتَ مِنْ مَعْسُورِهِ مَعْقُودَا
14.                      وَبَرَعْتَ بَيْنَ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ *** فَقَهَرْتَ مَا قَدْ كَانَ مِنْهُ عَنِيدَا[89]
15.                      لَمَّا وَهَتْ أَرْكَانُهُ وَتَضَعْضَعَتْ *** بَاشَرْتَ ذِرْوَتَهُ فَعَادَ جَدِيدَا
16.                      فَأَبَنْتَهُ وَنَبَشْتَهُ وَفَتَقْتَهُ *** لِلصَّادِرِينَ وَمَنْ أَتَاكَ مُفِيدَا
17.                      يَا أَيُّهَا الْمَحْسُودُ فِي أَخْلَاقِهِ *** وَفَعَالِهِ ! لَا لُمْتُ فِيكَ حَسُودَا
18.                      يَا طَاهِرَ الْأَخْلَاقِ ! يَا كَهْلَ الصِّبَا[90] ! *** وَالْمُسْتَفَادُ لِرَأْيِهِ التَّسْدِيدَا
19.                      أَفْدِيكَ مِنْ وَرِعٍ عَلِيمٍ فَاضِلٍ[91] *** لَكَ فِي الْوَرَى مَا إِنْ رَأَيْتُ عَدِيدَا[92]
20.                      يَبْكِي إِذَا غَسَقَ الدُّجَى بِمَدَامِعٍ *** قَدْ خَدَّدَتْ فِي خَدِّهِ أُخْدُودَا
21.                      طُولُ التَّهَجُّدِ وَالصِّيَامُ شِعَارُهُ *** وَعَنِ الطَّرِيقِ فَمَا تَرَاهُ يَحِيدَا[93]
22.                      أَسَفِي عَلَيْكَ، أَقُولُ: وَا أَسَفِي ! وَهَلْ *** يَسْلُوكَ قَلْبٌ لَا يَكُونُ حَدِيدَا ؟!
23.                      آهًا عَلَيْكَ وَلَيْسَ ذَاكَ بِنَافِعِي *** وَأَرَى الْبَقَا[94] مِنِّي وَمِنْكَ بَعِيدَا
24.                      إِنْ فَاتَنِي نَظَرٌ إِلَيْكَ فَلَمْ يَفُتْ[95] *** ذِكْرٌ يَحُلُّ مِنَ السُّلُوِّ عُقُودَا
25.                      وَمَدَامِعٌ[96] تَسْقِي، وَتُطْفِئُ بِالْحَشَا *** نَارًا، إِذَا طُفِئَتْ[97] تَزِيدُ وَقُودَا
26.                      فَعَلَيْكَ ـ لَا أَسْلُو ـ السَّلَامُ[98]، وَقَدْ أَرَى *** ذِكْرَاكَ إِنْ خُلِقَ الْجَدِيدُ[99] جَدِيدَا
27.                      وَإِلَيْكَ أُهْدِي بِالسَّلَامِ تَحِيَّةً *** أَهْدَتْ مَنَافِعَنَا إِلَيْكَ سُعُودَا
28.                      صَبْرًا كَمَا أَمَرَ الْجَلِيلُ فَعِنْدَهُ *** عِوَضُ الْمُصَابِ بِصَبْرِهِ مَوْجُودَا
29.                      وَعَدَ الصَّبُورَ بِصَبْرِهِ أَجْرًا كَمَا *** وَعَدَ الشَّكُورَ تَطَوُّلًا وَمَزِيدَا












خاتمةٌ:

        هذا ما وقفتُ عليه منسوبًا للإمام الجليلِ/ أبي محمدٍ عبدِ الله بنِ أبي زيد القيرواني، ت 386ه ـ رحمه الله تعالى ـ وقد بذلتُ جُهدي ـ معترفًا بالتقصير والتفريط ـ مقدِّمًا مصلحةَ نشر الكتاب، على مصلحة التدقيقِ في تفاصيلَ لا تنتهي إلى حدٍّ، وقد بلغتْ قصائدُ هذا الديوان ومقطوعاتُه: ما لا يزيدُ على ( 6 ) قصائدَ ومقطوعاتٍ، مجموعُ أبياتها لا يزيدُ على ( 139 ) بيتٍ.
        أسألُ الله ـ عز وجل ـ بمَنِّه وكرمه، أن يجعلَ هذا العملَ خالصًا لوجهه الكريم، مُدنيًا ومقرِّبًا إليه، ورافعًا لي في درجات جنة النعيم، نافعًا لعباد الله المؤمنين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصَحْبِه أجمعين، والحمدُ لله رب العالمين.








المصادرُ والمراجعُ:
1.   القرآن الكريم.
2.   تاريخ التراث العربي، فؤاد سزكين، المملكة العربية السعودية، الرياض، وزارة التعليم العالي، جامعة الإمام محمد بن سعود، ( مجلد 1، جزء 3، الفقه، نقله إلى العربية: د. محمود فهمي حجازي، وراجعه: د. عرفة مصطفى، و د. سعيد عبد الرحيم، 1403ه/ 1983 ).
3.   تراجِم المؤلفين التونسيين، لمحمد محفوظ، دار الغرب الإسلامي، لبنان، بيروت، 1982م.
4.   ترتيب المدارك وتقريب المسالك، لأبي الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي. الشاملة.
5.   ترتيب المدارك وتقريب المسالك، لأبي الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي، ت د. علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، جمهورية مصر العربية، القاهرة، 2008م.
6.   ترتيب المدارك وتقريب المسالك، لأبي الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي، تحقيق: محمد بن تاويت الطنجي وآخرين، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، ط2، 1403ه ـ 1983.
7.   التكملة لكتاب الصلة، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي، تحقيق: عبد السلام الهراس، دار الفكر للطباعة، لبنان، بيروت، 1415ه ـ 1995م. الشاملة.
8.   دائرة المعارف الإسلامية، أصدرها: هوتسما وآخرون، وأعدَّ النسخةَ العربية: إبراهيم زكي وآخرون، مكتبة الشعب، جمهورية مصر العربية، القاهرة، ط2، 1969م.
9.   الديباج المذهَّب في معرفة أعيان علماء المذهب، إبراهيم بن علي بن محمد، ابن فَرْحون ت 799هـ، تحقيق: د.علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1423هـ ـ 2003م.
10.                      الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لابن فرحون. الشاملة.
11.                      الذب عن مذهب مالك في غير شيء من أصوله وبعض مسائل من فروعه وكشف ما لبس به بعضُ أهل الخلاف وجهِله من محاجِّ الأسلاف، لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، ت 386هـ، تحقيق: د. محمد العلمي، مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، الرابطة المحمدية للعلماء، المغرب، الرباط، 1432هـ ـ 2011م.
12.                      شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، لبهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني المصري، المكتبة العصرية، لبنان، صيدا، بيروت، 1431ه ـ 2010م.
13.                      فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر، أبي الفضل العسقلاني، دار المعرفة، لبنان، بيروت، 1379ه. الشاملة.
14.                      القاضي عبد الوهاب البغدادي ومنهجه في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، د. حمزة أبو فارس، فاليتا، مالطا، منشورات ELGA 2003م.
15.                      القاموس المحيط، لمجد الدين، محمد بن يعقوب، الفيروزابادي، ت 817هـ، إشراف: محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، لبنان، بيروت، ط 7، 1424هـ ـ 2003م.
16.                      كتاب العُمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين، حسن حسني عبد الوهاب، مراجعة وإكمال: محمد العروسي وبشير البكوش، المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات، بيت الحكمة، تونس، بالاشتراك مع دار الغرب، لبنان، بيروت، 1990م.
17.                      معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري الدباغ، أكمله وعلق عليه: أبو القاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي، وفي آخره: ذيل معالم الإيمان للكناني، تحقيق: د. عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، بيروت، 1426ه ـ 2005م.
18.                      ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، للسيد أحمد الهاشمي، ضبطه وعلق عليه: علاء الدين عطية، مكتبة دار البيروني، ط3، 1427ه ـ 2006م.
19.                      النهاية في غريب الحديث والأثر، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجَزَري، تحقيق: طاهر الزاوي ومحمود الطناحي، المكتبة العلمية، لبنان، بيروت، 1399ه ـ 1979م. الشاملة.




[1] أسماءٌ سُميت بها هذه القصيدةُ في المصادر، كما سيأتي.
[2] اصطلاح (المقطوعة) يُطلق على: 3 إلى 6 أبيات، و(القصيدة) على: 7 فأكثر. انظر: ميزان الذهب، للهاشمي، 31.
[3] أسماءٌ سُميت بها هذه القصيدةُ في المصادر، كما سيأتي.
[4] ومقدماتُ هذه القصائد وخواتيمُها جاءت كما يأتي [ التزمتُ نقلَها بلفظها مع ما فيها من خلل لغوي كبير في مواضعَ متعددةٍ ]:
( أ ): جاء في اللوحة الأولى: ( بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا محمد نبيِّه، وآله وصحبِه، وسلم تسليمًا، هذه قصيدة للشيخ الإمام العلامة أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، رحمه الله تعالى ورضي الله عنه )، ثم ذكر الأبيات الأربعة الأولى، وصدرَ الخامس، ثم جاء كلامٌ أجنبي غريب بخطٍّ آخرَ إلى آخر اللوحة. وفي اللوحة التالية جاءت المقدمة السابقة نفسها لكن بسقوط كلمة ( عنه )، ثم جاءت الأبيات من البيت الأول، وفي آخر اللوحة الأخيرة: ( تمت القصيدة ابن أبي زيد القيرواني ـ رحمه الله تعالى ـ بمنه وكرمه، آمين، تمت ). وبجانبه: ( اسم صاحبه، كتب: فوفو تروربو أبكر ترورو أمين زقمه )، أو نحو ذلك. وكذلك: ( اسم صاحب، كتب: ... محمد بن أحمد بن فودي بن محمد بن سالم ... ) وعليه ضَرْب كثير. وفي المخطوطة تعليقات يسيرة متفرقة؛ أكثرُها تفسير لبعض كلمات القصيدة.
( ب ): جاء في أولها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، صل الله على سيدنا محمد نبيه، وآله وصحبه وسلم تسليمًا، هذه قصيدة الإمام العالم العلامة أبي محمد عبد الله بن أبا زيد القيرواني ـ رحمه الله تعالى، ورضي الله تعالى عنه، بمنه وكرمه، آمين ). وبعد البيت الأخير منها: ( تمت كتاب بحمد لله وأحسن عونه، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على النبي الحبيب الرسول الكريم محمد، صاحب كتاب اسمه: محمد بن باب ساكمو، وبلده: صم [؟]، نفعنا به الله، آمين ).
( ج ): جاء في أولها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا، هذا تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة أبي محمد عبد الله بن أبي زيد الفقيه ... رحمة الله تعالى ). وفي آخرها: ( كمَل الحديثُ بحمد لله وحسن عونه، الصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحمد لله رب العالمين، تمت ). وعلى النسخة تعليقاتٌ يسيرة جدًّا على بعض الكلمات.
( د ): جاء في أولها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا محمد نبي الكريم، هذه تأليفُ الشيخ الإمام العالم العلامة أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني ـ رحمه الله تعالى، آمين ). وفي آخرها: ( تمت الكتب بحمد الله وحسن عونه، الحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على محمد، تمت يوم الأحد قبل الظهر ... قليلًا، بيد العبد المذنب الضعيف الحقير ... من رحمة الله ... واسمه إبراهيم ابن [ كذا ] مود صالح، واسم أمه فاطمة، كتبه في بلد: بريا [؟]، اللهم اغفر لي ولهم ولجميع ... المسلمين كلهم ... اللهم صل على محمد، كتبه لنفسه ولمن احتاج إليه ). وفوق هذه التعليقة مكتوب: ( صار صاحبه محمد البخاري ابن الحاجة ... وأمه سلمة ذاسكي بشراء ). وما بعد الكلمة الأخيرة مقصوص في المصورة. وهذه النسخة عليها تعليقاتٌ كثيرة جدًّا، بعضُها تتعلق بالقصيدة، وبعضها فوائدُ متفرقةٌ وأبيات أخرى.
يلحظ فيما تقدم شيءٌ من التشابه في التقدمات والخواتيم ـ وكذلك في نصوص القصيدة، مع وجود الاختلافات الكثيرة، ويلحظ ـ أيضًا ـ كثرةُ ما في بعضها من خلل في الصياغة اللغوية. والله أعلم.
[5] هذه الأسماء المختلفة موجودة في المصادر التي ستأتي قريبًا بعد أسطر.
[6] وقد سعيتُ في استيعاب النظر في جميع كتب تراجِم المتقدمين التي ترجمت لابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ بقدر الإمكان، وذلك حين كتبتُ ترجمة موسعة لابن أبي زيد ـ رحمه الله، بين يدي رسالتي العلمية ـ الماجستير: ( المصنفات في شرح المقدمة العقدية لرسالة ابن أبي زيد القيرواني ـ عرض وتقويم ).
[7] 1/205.
[8] 1/ 648.
[9] 1/ 1/ 173.
[10] تراجم المؤلفين التونسيين، 2/ 447.
[11] الإحالة السابقة.
[12] القاضي عبد الوهاب البغدادي، 243. ودائرة المعارف المشار إليها: لعلها ترجمة فرنسية لدائرة المعارف المتقدمِ ذكرُها، وأضاف إليها المترجمُ فوائدَ، أو أنها دائرة معارف أخرى، إذ ليس في الطبعة العربية لدائرة المعارف إلا ذكرُ قصيدة المتحف البريطاني.
[13] أي: في موقف يا له من موقف عظيم ما أشدَّ هولَه، ومِن هولِه: أنْ شاب الوليدُ له.
[14] قال في القاموس: ( هَمَى الماءُ والدمع يَهْمِي هَمْيًا وهُمِيًّا وهَمَيَانًا و ـ العين: صَبَّت دمعَها ). 1346.
[15] أي: سماء. بقصر الممدود للضرورة. انظر: ميزان الذهب، 37. وفي أغلب ما ذكرت فيه الضرورة مما يأتي: ينظر للاستزادة: ميزان الذهب، 36 ـ 40.
[16] قال ابن الأثير ـ رحمه الله ـ في نهايته، 2/ 402: ( البهم جمع بهيم، وهو في الأصل: الذي لا يخالط لونه لون سواه، يعني: ليس فيهم شيء من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعور والعرج وغير ذلك ... وقال بعضهم: روي في تمام الحديث: (( وقيل ما البهم ؟ قال: ليس معهم شيء ))، يعني: من أعراض الدنيا، وهذا يخالف الأول من حيث المعنى ).
[17] أصلها: لم تَأْفُل. أي: لم تغب. وهي ضرورة قبيحة أيضًا.
[18] في النسخ كلها: آدم. والممنوعُ من الصرف يدخلُه الصرفُ في الشعر ضرورةً، وبعضُ النساخ يكتب المنوَّن المفتوح بغير ألف أحيانًا.
[19] هكذا في جميع النسخ، إلا في ( د ) ففيها: وَجَل. يؤيدُ الأولَ تواردُ أكثر النسخ عليه، وأن تكرارَ الكلمة ذاتها بلفظها ومعناها من عيوب القافية، ويُسمى: إيطاءً، وإنما أجازوا ذلك بعد سبعة أبيات فأكثر. انظر: ميزان الذهب، 140. ويؤيد الثانيَ ما جاء في البيت بعده.
[20] في جميع النسخ بلا ياء، ولعل صوابها ما أثبت: الْأَزَلِيُّ؛ لكن بتخفيف يائها للضرورة.
[21] في ( أ ) و ( ب ): إني قتلت نفسًا. ولا يستقيم البيت بذلك. وإنما يستقيم بما في أي من النسختين الأخريين: إما ( ج ) وفيها: إني قتلت. من غير كلمة: نفسًا. وإما ( د ) وفيها: قتلت نفسًا. من غير كلمة: إني. وهو المختار؛ لأنه أقرب إلى لفظ القرآن: {كما قتلتَ نفسًا بالأمس}. سورة: القصص، الآية: 19. ولأن فيها إسراعًا إلى ذكر ما يعُدُّه جنايةً توجبُ وجلَه من هذا المقام، وهذا معنى بلاغيٌّ مراعًى، وهو أجودُ مما يفيده تكرار: ( إِنِّي )، في جملة واحدة.
[22] قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: ( قوله: (( فيأتونه ))، في رواية مسلم: (( فيأتون عيسى، فيقول: لست هناكم ))، وفي حديث أبي هريرة: (( فيقولون: يا عيسى ! أنت رسول الله، وكلمتُه ألقاها إلى مريم، ورُوح منه، وكلَّمت الناس في المهد صبيًّا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ))، مثل آدم قولًا وجوابًا، لكن قال: (( ولم يذكر ذنبًا ))، لكن وقع في رواية الترمذي من حديث أبي نَضْرة عن أبي سعيد: (( إني عُبِدْتُ من دون الله ))، وفي رواية أحمد والنسائي من حديث ابن عباس: (( إني اتُّخِذْتُ إلهًا من دون الله ))، وفي رواية ثابت عند سعيد بن منصور نحوه، وزاد: (( وإنْ يغفر لي اليوم حسبي )) ). فتح الباري، 11/ 435.
[23] بالتنوين ضرورة. وانظر: شرح ابن عقيل، 2/ 236.
[24] أي: اشفع لنا إلى ربنا. وهذا الشطر ورد هكذا في: ( أ ) و ( ب ). وفي ( ج ): اِشْفَعْ إِلَى رَبِّنَا يَفْصِلْ لِمَا بَيْنَنَا. وفي ( د ) مثل ( ج ) إلا كلمة ( لِمَا ) فبالباء بدل اللام.
[25] كما في ( د ) و ( ج ). وفي ( أ ) ساجدًا.
[26] كذا في ( أ ) و ( د ) و ( ج )، وفي ( ب ): شراح. ولم أتبين المراد بعد. وربما كان صوابها: ( سراج ). وإن كانت صحيحة فقد يكون المعنى: (وعن استقامة إطلاق العدل)؛ لأن القوام يأتي بمعنى الاستقامة، والسراح بمعنى الإطلاق. والله أعلم.
[27] بألف التنوين في كلمة ( أقوامًا ) في: ( أ ) و ( ب ) و ( د ). وفي ( ج ): أقوام. بدونها، وعليه فيكون أول البيت بهذا الضبط: فَيَدْخُلُ النَّارَ أَقْوَامٌ. أو: فَيُدْخَلُ.
[28] كذا، بلا تنوين في جميع النسخ، وتقدم أن التنوين هنا جائز للضرورة، وكذلك يجوز للضرورة إشباع فتحة اللام بدلًا من التنوين، لكن الأول أظهر؛ لأن صرف الممنوع من الضرورات الشائعة المتفق عليها، بخلاف الإشباع فهو ضرورة قبيحة.
[29] أي: يخرج من نارنا، من كان من أهل الإسلام والتوحيد، لكنه عصانا، وبسبب هذه المعصية صُلِي في نار جهنم، فهذا ـ بسبب توحيده ثم بشفاعتك ـ يخرج. وقد يكون (صَلِي) بفتح الصاد.
[30] في ( أ ) و ( د ): فأحمدت. وفي ( ب ): فاحمدنا. والمثبت من ( ج ). إذ هو الذي يستقيم به الوزن، وإن كان ما في النسخ الأخرى أليقَ من جهة المعنى.
[31] المتبادر إلى الذهن من السياق أن المعنى: يصيرون أشياء ذابلة، من الذبول، الذي هو: اليبس والجفاف. وذلك أن الله ـ عز وجل ـ يأذن بالشفاعة لمن يدخل النار من أهل المعاصي المسلمين بعد أن يحترقوا ويصيروا فحمًا. لكن يشكل عليه أن ذبائل ليست جمعاً لـ( ذابل ) أو ( ذابلة ). فالأظهر ـ بالنظر إلى اللفظ والمعنى ـ أن الصواب فيها: الذبائل: جمع ذبالة، وهي: الفتيلة التي تحترق في السراج، ويضرب بها المثل في النحافة. والله أعلم.
[32] أي: أُخْرِجَ من النار، من الجلاء، الذي هو: الكشف والظهور؛ إذ إنهم يُخْرَجُونَ جماعات من النار إلى ماء الحياة.
[33]  أي: الستور الرقيقة، جمع: كِلَّة.
[34] بإشباع الفتحة للضرورة.
[35] في ( أ ) و ( ب ): الغلل. وفي ( ج ) و ( د ): العلل. وكلاهما صحيح؛ إذ الأول: العطش، والثاني: المرض. وهو أقرب؛ لأنه المناسب لكلمة ( يشفي ). وليته قال: ( يروي من الغلل )، لكونه أكثرَ تناسبًا مع ألفاظ أحاديثِ الحوض التي فيها بيانُ أنَّ مَن شرِب منه لم يظمأ أبدًا.
[36] كذا في جميع النسخ. ولعل المقصود: تلك الخصلة أو المنحة.
[37] انظر للاستزادة والنظر في: بيانات الرسائل المدرجة، وفي بحث المحقق عن ناسخ المخطوطة: الذب عن مذهب مالك، مقدمة المحقق، 1/ 209 ـ 214.
[38] قدر كلمتين أو ثلاث، لم أتبينْها بعدُ، ولعلها: لبعض أقربيه. أو: آمرًا بنيه. لكن الرسم والسياق لا يساعدان عليهما كثيرًا.
[39] وهذه تعليقة مهمة، لم يُنبِّهْ عليها محققُ الذب عن مذهب مالك. وسببُ ذلك فيما يظهر: أنه قد يكونُ اعتمد على مجموعةٍ من النسخ المصورة تصويرًا عاديًّا عن النسخة الأصلية [ انظر: مقدمة الذب، 1/ 209 ] المبثوثة في المكتبات، وعندي إحداها أخذتُها من مركز جمعةَ الماجد، بدبي، ورقمُها: ( 233486 )، رقم اللقطة: ( 910 )، ولا تظهرُ هذه التعليقةُ فيها، وقد اعتمدتُ على مصورةٍ حديثة، تقدمتُ بطلب تصويرها من المصدر نفسِه في أيرلندا، فجاء تصويرُها تصويرًا ملونًا بالديجيتال، وقد ظهرت فيه هذه التعليقةُ، والحمد لله.
[40] والذي قبلَها مباشرة: رسالةٌ إلى طالب علم، وقبلَها: حكاياتُ نصائحَ عن بعض الأئمة، يحكيها ابنُ أبي زيد، وقبلَها: خُطبة النكاح. وانظر: الذب عن مذهب مالك، 1/ 210.
ويُحتمل ـ على بعد ـ أن يكون ابنُ بشكوال المذكور هو: محمد، أبو عبد الله، بن عمر بن يوسف بن بشكوال، المعروف بابن الفخار، الأندلسي، ت 419 ه. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 2/ 41. الديباج المذهب، 1/ 144.
[41] قدر كلمة أو كلمتين، لم أتبيَّنْهما بعدُ.
[42] أي: هو مطلب فائت، ولو استطعت أن تناله وتحصل عليه، لأنه لا فائدة فيه، فلن تنتفع به في آخرتك، فكأنك لم تحصل على شيء.
[43] أي: حتى لو نال ملكًا، يبقى وضيعًا لا شريفًا، لأنه جاهل، والعلم هو المعيار الحقيقي في تشريف الناس لا الملك والدنيا.
[44] ويحتمل الرسم: هيبة. وكلاهما صحيح من جهة المعنى.
[45] أي: تتحمله. ويصح أيضا أن تضبط (تُحَمَّلُه) بالبناء للمفعول.
[46] قد هاهنا للتحقيق؛ لأن دخولها كخروجها.
[47] أي: ربما يكونُ الذي يطلبُ العلمَ لا وزن له، لفساد نيتِه، أو بعدِه عن العمل بما علم، ولو كان فلسًا، أي: ولو كان الشيءُ فلسًا، لم يعادلْ طالبُ العلم هذا الفَلس. ولعل الأنسب أن يقول في البيت: ولو كان فلسٌ، أي: ولو وجد فلس، لم يعادل طالبُ العلم هذا الفلس. والأصل في لام (يعادله) أن تكون ساكنة للجزم، وحركت للضرورة.
[48] كذا، والمعهود استعمال كلمة: ( فضلًا ) في مثل هذا السياق. فهذا هو الموافق للأصول الشرعية.
[49] 1/ 82. الشاملة. وفي الطبعة المغربية: 2/ 163، وكذلك في طبعة مكتبة الثقافة الدينية: 1/ 303:  سقط: ( أبو )، حيث ورد اسمه فيها هكذا: ( وقال محمد بن أبي زيد ).
[50] يقول د. العلمي محقق كتاب الذب عن مذهب مالك، 1/ 114: ( وأحسبه يشيرُ إلى صاحب التنبيه والبيان الذي رد عليه [ يعني: ابن أبي زيد ] في الذب عن مذهب مالك ).
[51] ولم أنبِّه على الفروق، وكذلك قابلتُها على نسخة الشاملة، لكن نسخة الشاملة مليئة بالتصحيفات في هذه الأبيات.
[52] أي: الراسخ.
[53] أبو بكر، محمد بن عبد الله بن صالح، الأبهري، ت 375. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 3/ 218 ـ 225. الديباج المذهب، 2/ 190 ـ 194.
[54] أبو الحسن، علي بن محمد بن خلف المعافري، المعروف بابن القابسي، ت 403 ه. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 3/ 394. الديباج المذهب، 2/ 92.
[55] 1/ 439. الشاملة. 3/ 251. ط الثقافة الدينية. 6/ 220 ـ 221. المغربية.
[56] 3/ 115.
[57] أبو عمران، موسى بن إبراهيم الفِهْري، القرطبي. انظر: التكملة لكتاب الصلة، 2/ 175.
[58] كما في ط الشاملة، وفي ط مكتبة الثقافة الدينية، والطبعة المغربية: نصيب. والأول أليَقُ من جهة المعنى، ومن جهة كونِ كلمةِ ( نصيب ) نفسِها جاءت في البيت بعده، وهو من عيوب القافية، كما تقدم.
[59] انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 3/ 8. الديباج المذهب، 2/ 180 ـ 181.
[60] 2/ 288.
[61] وهذه أرقام ما أورد من أبياتها بحسب ترقيمي الآتي، مرتبة في ترتيب المدارك بهذا الترتيب: 1، 8، 15، 16، 17، 18، 26، 27، 28، 29، 23، 30، 34، 35، 40.
[62] تقع القصيدة في: 2/ 288 ـ 291.
[63] وهناك مختصر لرياض النفوس، رقمه في المركز: ( 419433 )، لكن ليس فيه هذه القصيدةُ، ولا القصيدةُ التي بعدها ـ رثاء أبي الفضل الممسي.
[64] ط الشاملة، 1/ 361. وط مكتبة الثقافة الدينية، 3/ 17 ـ 18. والطبعة المغربية، 5/ 294 ـ 295. وكذلك: معالم الإيمان مع التكميل، 3/ 27. وليس فيه إلا ( 6 ) أبيات: أورد الدباغ ـ رحمه الله ـ في المعالم، الأبيات: 14، 15، 27. وأورد ابن ناجي ـ رحمه الله ـ في تكميل المعالم، الأبيات: 23، 30، 34.
[65] الإسعاد، أي: إسعاد النساء في المناحات؛ تقوم المرأة لتنوح فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة، وقيل: كان نساء الجاهلية يُسعد بعضُهن بعضًا على ذلك سَنَةً، فنُهِين عن ذلك. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، 2/ 928.
[66] في ( أ ): بكيا.
[67] أي: آثار الدار والناس. انظر: القاموس المحيط، 1196، وفي ( ب ): ولا زمنًا. أي: لا تبكيَا طللًا عافيًا، ولا تبكيا أيضًا زمنًا عافيًا.
[68] في المطبوع من رياض النفوس والنسختين الخطيتين: ( وقد ) بدل ( ولو )، وأثبت ما في ترتيب المدارك.
[69] ويصح: تَرَوَّى، على حذف إحدى التاءين، وأصلها: تتروى. فتصير ( الأرض ) فاعلًا لا نائبَ فاعلٍ.
[70] المداجاة: المداراة. القاموس، 1282. والمراد هنا ـ كما يدل عليه السياق ـ معنًى مذمومٌ، وهو: المداهنة في الدين.
[71] ويصح: السِّجن، بكسر السين.
[72] انظر في محنته وأخبارِه فيها؛ ومن ذلك: دخولُ السجن المشارِ إليه في البيت قبله: ترتيب المدارك، 3/ 14 ـ 16.
[73] أي: تأخذه الحمية.
[74] هكذا في ( أ )، وفي ( ب ): ( زيَّن ) بدل ( زيد )، و( فأوضحه ) بدل ( وأوضحه ).
[75] هكذا في نسخ رياض النفوس وترتيب المدارك. وفي تكميل معالم الإيمان: ( كهف ) بدل ( كفل ). وهي صحيحة ـ أيضًا ـ من جهة المعنى. إذ المراد أنه ملجأ يُلتجأ إليه، ويُحتمى به.
[76] انظر التعليق التالي.
[77] قوله: ( من بعد فقدك قد سدت مسالكنا )، يدل على أنه وصفه بأنه مفزع لهم في حياته، فيما يقدر عليه، ويكون مفزعًا لهم: بثباته وقت المحن لقوة إيمانه، وإفتائه في النوازل العلمية؛ لقوة علمه وبيانه، ودعائه لهم لصلاحه، كما تدل عليه الأبيات التي قبل هذا البيت، والتي بعده. والله أعلم.
[78] هكذا في ( ب ). وفي ( أ ): هدانا. ويستقيم الوزن بضبطه بتشديد الدال، وإن لم يرد (هدَّى) في كتب اللغة، لكن يدل عليه قولهم (تهدَّى فلان إلى الشيء: أي اهتدى)؛ لأن (تفعَّل) مطاوع (فعَّل)، والفرع يدل على أصله.
[79] رسمت في المخطوط: أَطْفَيْتَ.
[80] على سبيل الدعاء والرجاء لا القطع. والله أعلم.
[81] انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 3/ 21 ـ 34. الديباج المذهب، 2/ 117 ـ 119.
[82] انظر في تفصيل الوقعة، وكيف كانت وفاة الممسي: ترتيب المدارك، الإحالة السابقة.
[83] 2/ 300 ـ 302.
[84] 3/ 23.
[85] وهي الأبيات: 1، 2، 3، 7، 10، 11، 12، 14، 17، 19، 20، 24، 25.
[86] رياض النفوس، 2/ 300 ـ 302. ومخطوطتي رياض النفوس: ( 452272 )، ورمزت لها بـ: ( أ ). و: ( 434676 )، ورمزت لها بـ: ( ب )، كلتاهما من مركز جمعة الماجد. ترتيب المدارك ط الشاملة، 1/ 366. ط مكتبة الثقافة الدينية، 3/ 32. ط المغرب، 5/ 308. ولم يوردها في إكمال المعالم.
[87] قال في القاموس: ( الكُنود: كفران النعمة، وبالفتح: الكَفور، كالكَنَّاد، والكافر، واللوام لربه ـ تعالى، والبخيل، والعاصي ... ). 315. وفي ترتيب المدارك: كمودًا. من الكمد، فهي صحيحة ـ أيضًا ـ من جهة المعنى.
[88] على سبيل الدعاء والرجاء لا القطع. والله أعلم.
[89] وفي ترتيب المدارك: ( عتيدًا ).
[90] أي: له حكمة الكهول منذ صباه، أو له استقامتهم منذ صباه، فلم تكن له صبوةٌ إلى المعاصي.
[91] كذا في المدارك، وفي رياض النفوس: ( عالم ). لكنه لو قال: ( عامل ) لكان أنسبَ، ليكون قد جمع له ذكر العلم والعمل، ولذا: اخترتُ ما في نسخة المدارك، لأنها أقرب إلى هذا المعنى.
[92] إن كان المقصود (ما رأيت لك في الورى عديدا) ففيه إشكال؛ لأن ما قبل (ما) لا يتعلق بما بعدها.
[93] كذا في ( أ ) و ( ب ). لكن فيه تقديم مراعاة القافية على مراعاة الإعراب؛ لأن في كلمة ( يحيدَا ) إشكال من جهة النحو؛ إذ لا مسوغ لنصبه. وفي المطبوع من الرياض: مُحِيدَا.
[94] يقول محقق رياض النفوس: كذا في الأصلين، ولعل الأصوبَ قراءتها: اللقا.
[95] انظر التعليقة التالية.
[96] في رياض النفوس: ( نظري ) بدل ( نظر )، و: ( ومدامعي ) بدل ( مدامع )، و: ( يغب ) بدل ( يفت ). وقد أثبت ما في ترتيب المدارك، أما ( نظر ) فيناسب قوله: ( مدامع )، وكذلك قوله: ( ذكر )، وأما ( يفت ) فتناسب ( إن فاتني ).
[97] أي: أُطفئت، ورسمها في المخطوط: طُفِيَتْ.
[98] أي: أسلم عليك، وليس ذلك سُلوًّا عنك، إذ السلو عنك ممتنع.
[99] أي: الصبح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق