الأربعاء، 22 يونيو 2016

سلسلة ( المعنى الإجمالي ) 2/ 6: شفاعة النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ

شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

أولاً : النصوص القرآنية والنبوية الواردة :

1ـ قال الله ـ تعالى ـ : (( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودًا )) [1] .
2ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( لكل نبي دعوة مستجابة ، فتعجل كل نبي دعوته ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، فهي نائلة ـ إن شاء الله تعالى ـ من مات من أمتي لا يشركُ بالله شيئاً )) . رواه البخاري ومسلم [2] .
3ـ وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( أنا أول الناس يشفع في الجنة )) . رواه مسلم [3] [4] .
4ـ وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد ، فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك )) . رواه مسلم [5] .
5ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قلت : يا رسول الله ! من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال : (( لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أولَ منك ؛ لما رأيت من حرصك على الحديث ، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة ؛ من قال : لا إله إلا الله ؛ خالصاً من قلبه )) . رواه البخاري [6] .
6ـ وعن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محمودًا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة )) . رواه البخاري [7] .
7ـ وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من صلى علي حين يصبح عشرًا ، وصلى علي حين يمسي عشرًا ؛ كنت له شفيعاً يوم القيامة )) . رواه الطبراني [8] .

ثانياً : المعنى الإجمالي :

          المقام المحمود ؛ المقام الذي يَحمَد الناسُ فيه نبيَّنا محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يحمده فيه الأولون والآخرون ، وهو شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشفاعة العظمى ، التي يحصل بها إراحةُ الناس من هول موقف يوم القيامة ، وتعجيلُ الحساب لهم ، فإن الناس يجدون في ذلك اليوم العصيب من الكرب والشدة ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيذهبون إلى الأنبياء ـ عليهم السلام ـ ؛ آدم ، ثم نوح ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى ، يطلبون من كل واحد منهم أن يشفع لهم عند الله ـ عز وجل ـ ليريحهم من هذا الموقف ، فكل واحد منهم يقول : لقد غضب الله اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، ثم يذهبون إلى نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول : أنا لها ، ثم ينطلق فيقع ساجدًا لله تحت العرش ، فيفتح الله عليه ويلهمه من المحامد وحسنِ الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبله ، فيقول الرب ـ عز وجل ـ : يا محمد ! ارفع رأسك ، سل تعطه ، واشفع تشفع ، فيقول : يا رب ! أمتي أمتي [9] .
          وشفاعات نبينا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا تختص بالشفاعة العظمى ، بل يشفع في تخفيف العذاب عمن يستحقه ، ويشفع في الإذن لجميع المؤمنين في دخول الجنة ، ويشفع لقوم أُمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها وهم عصاة الموحدين ، ويشفع في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها ، ويشفع في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة ، ويشفع في أناس أن يدخلوا الجنة بغير حساب ، ويشفع في أهل الكبائر ممن دخل النار أن يخرجوا منها [10] .
          وهناك أعمال ورد الوعد لفاعلها بشفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، تقدم في النصوص السابقة ذِكرٌ لها ، وهي : الإخلاص لله بالتوحيد ، والدعاء بما ورد عند الأذان ، والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشرًا في الصباح وعشرًا في المساء .
          ومن الشفاعات ما لا يختص بها نبيُّنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بل ممن يشفع ـ كذلك ـ الأنبياء والملائكة والعلماء والصالحون [11] ، وهي تكريم لهؤلاء الذين أعطاهم الله الشفاعة .
          ومما ينبغي أن يُعلم ؛ أن الشفاعة حق الله ـ عز وجل ـ ، فلا تطلب إلا منه ـ سبحانه ـ ، يقول الله ـ تعالى ـ : (( قل لله الشفاعة جميعاً )) [12] ، فالمسلم ؛ يسأل الله ـ عز وجل ـ أن يُشَفِّع فيه نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ والأنبياء والملائكة والعلماء والصالحين .
          ويشترط في الشفاعة عند الله ؛ شرطان : الأول : أن يأذن الله للشافع أن يشفع ، يقول الله ـ تعالى ـ : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) [13] . الثاني : أن يرضى عن المشفوع فيه ، بأن يكون من أهل التوحيد والإيمان ، يقول الله ـ تعالى ـ : (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون )) [14] . وقد جمع الله ـ سبحانه ـ هذين الشرطين في قوله : (( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً )) [15] .
          فاللهم إنا نسألك بفضلك وكرمك وإحسانك ؛ أن تُشَفِّع فينا أنبياءك وملائكتك وأهل العلم والصالحين ، وأن تُشَفِّعَنَا فيمن نُحب ، يا رب العالمين ، إنك ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .





[1] الإسراء 79 .
[2] صحيح البخاري ـ كتاب الدعوات ـ باب لكل نبي دعوة مستجابة ـ رقم 6304 ، 6305 . صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته ـ رقم 198 .
[3] صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعاً ـ رقم 196 .
[4] أشفع في الجنة ، أي : أشفع في دخولها ، كما دل على هذا التفسير الحديث الذي بعده .
[5] صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعاً ـ رقم 197 .
[6] صحيح البخاري ـ كتاب الرقاق ـ باب صفة الجنة والنار ـ رقم 6570 .
[7] صحيح البخاري ـ كتاب الأذان ـ باب الدعاء عند النداء ـ رقم 614 .
[8] معجم الطبراني الكبير ، قال الهيثمي : ورواه الطبراني بإسنادين ، وإسناد أحدهما جيد ، ورجاله وثقوا . مجمع الزوائد 10 / 120 .
[9] انظر : صحيح البخاري ـ كتاب أحاديث الأنبياء ـ باب قول الله عز وجل ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه ـ رقم الحديث 3340 . صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ـ رقم الحديث 194 .
[10] انظر : البداية والنهاية لابن كثير 2/179ـ220 .
[11] انظر مثلاً : صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب معرفة طريق الرؤية ـ رقم الحديث 183 .
[12] الزمر 44 .
[13] البقرة 255 .
[14] الأنبياء 28 .
[15] طه 109 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق