شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أولاً : النصوص القرآنية والنبوية الواردة :
1ـ قال الله ـ تعالى ـ : (( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودًا )) [1]
.
2ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ : (( لكل نبي دعوة مستجابة ، فتعجل كل نبي دعوته ، وإني اختبأت دعوتي
شفاعة لأمتي يوم القيامة ، فهي نائلة ـ إن شاء الله تعالى ـ من مات من أمتي لا
يشركُ بالله شيئاً )) . رواه البخاري ومسلم [2]
.
3ـ وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ : (( أنا أول الناس يشفع في الجنة )) . رواه مسلم [3]
[4]
.
4ـ وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
: (( آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد ،
فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك )) . رواه مسلم [5]
.
5ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قلت : يا رسول الله ! من
أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال : (( لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني
عن هذا الحديث أحدٌ أولَ منك ؛ لما رأيت من حرصك على الحديث ، أسعد الناس بشفاعتي
يوم القيامة ؛ من قال : لا إله إلا الله ؛ خالصاً من قلبه )) . رواه البخاري [6]
.
6ـ وعن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم ـ قال : (( من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ،
والصلاة القائمة ، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محمودًا الذي وعدته
، حلت له شفاعتي يوم القيامة )) . رواه البخاري [7]
.
7ـ وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من صلى علي حين يصبح
عشرًا ، وصلى علي حين يمسي عشرًا ؛ كنت له شفيعاً يوم القيامة )) . رواه الطبراني [8]
.
ثانياً : المعنى الإجمالي :
المقام المحمود ؛
المقام الذي يَحمَد الناسُ فيه نبيَّنا محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يحمده فيه
الأولون والآخرون ، وهو شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشفاعة العظمى ، التي يحصل
بها إراحةُ الناس من هول موقف يوم القيامة ، وتعجيلُ الحساب لهم ، فإن الناس يجدون
في ذلك اليوم العصيب من الكرب والشدة ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيذهبون إلى
الأنبياء ـ عليهم السلام ـ ؛ آدم ، ثم نوح ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى ،
يطلبون من كل واحد منهم أن يشفع لهم عند الله ـ عز وجل ـ ليريحهم من هذا الموقف ،
فكل واحد منهم يقول : لقد غضب الله اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده
مثله ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، ثم يذهبون إلى نبينا محمد ـ صلى الله عليه
وسلم ـ فيقول : أنا لها ، ثم ينطلق فيقع ساجدًا لله تحت العرش ، فيفتح الله عليه
ويلهمه من المحامد وحسنِ الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبله ، فيقول الرب ـ عز
وجل ـ : يا محمد ! ارفع رأسك ، سل تعطه ، واشفع تشفع ، فيقول : يا رب ! أمتي أمتي [9]
.
وشفاعات نبينا الكريم
ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا تختص بالشفاعة العظمى ، بل يشفع في تخفيف العذاب عمن
يستحقه ، ويشفع في الإذن لجميع المؤمنين في دخول الجنة ، ويشفع لقوم أُمر بهم إلى
النار أن لا يدخلوها وهم عصاة الموحدين ، ويشفع في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها
، ويشفع في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة ، ويشفع في أناس أن
يدخلوا الجنة بغير حساب ، ويشفع في أهل الكبائر ممن دخل النار أن يخرجوا منها [10]
.
وهناك أعمال ورد
الوعد لفاعلها بشفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، تقدم في النصوص السابقة ذِكرٌ
لها ، وهي : الإخلاص لله بالتوحيد ، والدعاء بما ورد عند الأذان ، والصلاة على
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشرًا في الصباح وعشرًا في المساء .
ومن الشفاعات ما لا
يختص بها نبيُّنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بل ممن يشفع ـ كذلك ـ الأنبياء
والملائكة والعلماء والصالحون [11]
، وهي تكريم لهؤلاء الذين أعطاهم الله الشفاعة .
ومما ينبغي أن يُعلم
؛ أن الشفاعة حق الله ـ عز وجل ـ ، فلا تطلب إلا منه ـ سبحانه ـ ، يقول الله ـ
تعالى ـ : (( قل لله الشفاعة جميعاً )) [12]
، فالمسلم ؛ يسأل الله ـ عز وجل ـ أن يُشَفِّع فيه نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ
والأنبياء والملائكة والعلماء والصالحين .
ويشترط في الشفاعة
عند الله ؛ شرطان : الأول : أن يأذن الله للشافع أن يشفع ، يقول الله ـ تعالى ـ :
(( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) [13]
. الثاني : أن يرضى عن المشفوع فيه ، بأن يكون من أهل التوحيد والإيمان ، يقول
الله ـ تعالى ـ : (( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون )) [14]
. وقد جمع الله ـ سبحانه ـ هذين الشرطين في قوله : (( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا
من أذن له الرحمن ورضي له قولاً )) [15]
.
فاللهم إنا نسألك
بفضلك وكرمك وإحسانك ؛ أن تُشَفِّع فينا أنبياءك وملائكتك وأهل العلم والصالحين ،
وأن تُشَفِّعَنَا فيمن نُحب ، يا رب العالمين ، إنك ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
[1] الإسراء 79 .
[2] صحيح البخاري ـ كتاب الدعوات
ـ باب لكل نبي دعوة مستجابة ـ رقم 6304 ، 6305 . صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب
اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته ـ رقم 198 .
[3] صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ
باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر
الأنبياء تبعاً ـ رقم 196 .
[4] أشفع في الجنة ، أي : أشفع في
دخولها ، كما دل على هذا التفسير الحديث الذي بعده .
[5] صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ
باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر
الأنبياء تبعاً ـ رقم 197 .
[8] معجم الطبراني الكبير ، قال
الهيثمي : ورواه الطبراني بإسنادين ، وإسناد أحدهما جيد ، ورجاله وثقوا . مجمع
الزوائد 10 / 120 .
[9] انظر : صحيح البخاري ـ كتاب
أحاديث الأنبياء ـ باب قول الله عز وجل ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه ـ رقم الحديث
3340 . صحيح مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها ـ رقم الحديث
194 .
[10] انظر : البداية والنهاية لابن
كثير 2/179ـ220 .
[11] انظر مثلاً : صحيح مسلم ـ
كتاب الإيمان ـ باب معرفة طريق الرؤية ـ رقم الحديث 183 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق