الأربعاء، 22 يونيو 2016

سلسلة ( المعنى الإجمالي ) 6/ 6: إخلاص العمل لله

إخلاص العمل لله

أولاً: النصوص القرآنية والنبوية الواردة:

1ـ يقول الله ـــ عز وجل ـــ: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ))[1].
2ـ ويقول ـــ سبحانه ـــ: (( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ))[2].
3ـ عن عمر بن الخطاب ـــ رضي الله عنه ـــ قال: سمعت رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يقول: (( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )). متفق عليه[3].
4ـ وعن أبي هريرة ـــ رضي الله عنه ـــ قال: قال رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: (( إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم ))، وأشار بأصابعه إلى صدره. رواه مسلم[4].
5ـ وعن أبي موسى الأشعري ـــ رضي الله عنه ـــ قال: سئل رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ، عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )). متفق عليه[5].
6ـ وعن جابر بن عبد الله ـــ رضي الله عنهما ـــ، قال: كنا مع النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ في غزاة، فقال: (( إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم وادياً، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض )) وفي رواية: (( إلا شركوكم في الأجر )). رواه مسلم[6].

ثانياً: المعنى الإجمالي:

        إخلاص العمل لله ـــ عز وجل ـــ هو أحد شرطي قبول الأعمال، فإن العمل الذي يصدر من المسلم، لا يكون مقبولاً عند الله ـــ عز وجل ـــ إلا إذا اجتمع فيه أمران: أولهما: الإخلاص لله ـــ عز وجل ـــ، وذلك بأن يعمل العمل يريد بذلك وجه الله ـــ تبارك وتعالى ـــ، فلا يعمله للدنيا، لا لجاه، ولا لمنصب، ولا لمال، ولا لأجل نظر الناس، إنما يريد به الله والدار الآخرة. وثانيهما: موافقة الشرع، أي: أن يعمل العمل على وفق هدي النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ. فكما أن الإنسان إذا عمل العمل بلا إخلاص لا يكون عملاً مقبولاً؛ بدلالة النصوص المتقدمة، فكذلك من أخلص لله في عمل على غير هدي النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ، لا يكون مقبولاً كذلك، بل هو عمل مردود، لقول الله ـــ عز وجل ـــ: (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ))[7]، ولحديث أمنا أم المؤمنين عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ، أن النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يقول: (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )). رواه البخاري ومسلم[8]، وفي رواية لمسلم[9]: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ))، ولهذا كان أحسن العمل الذي اختبرنا الله به: أخلصه وأصوبه، فالعمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة.
        ولما كان العامل إذا عمل العمل لوجه الله يعد موحدًا في قصده مخلصاً، كان من يعمل العمل وفي نيته شائبة مراعاته لنظر الناس يعد مشركاً في قصده مرائياً، فالرياء من الشرك الأصغر، كما قال النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ لصحابته الكرام ـــ رضي الله عنهم ـــ: (( إن أخوف ما أخاف عليكم: الشرك الأصغر ))، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال: (( الرياء، يقول الله ـــ عز وجل ـــ إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ؟! ))[10]. فالرياء يحبط العمل، ويضيع الأجر، ويُحِلُّ محله الوزر.
وكما أن العامل المجتهد في عمله، يرد عمله عليه، إذا فقد الإخلاص، فكذلك المخلص لله ـــ عز وجل ـــ، المريد لوجهه، إذا صدق في إرادته العمل الصالح ليتقرب به إلى الله، لكنه لم يعمله، لعذر من الأعذار: فإنه يعطى بنيته الأجر والثواب، فمن كان من أهل صلاة الجماعة، يصلي صلاته لله، ولم يستطع أن يذهب إلى المسجد لمرض أو غيره من الأعذار الشرعية، فإن الله ـــ عز وجل ـــ يعطيه أجر صلاة الجماعة، لما علم من صدق عبده معه، ولهذا أخبر النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ الصحابة، بأن في المدينة أناساً يشركونكم الأجر، مع أنهم ليسوا معكم، وذلك لما قام في قلوبهم من الرغبة في العمل الصالح لله، إلا أنه حبسهم العذر.
فنسأل الله ـــ عز وجل ـــ أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجنبنا الرياء والزلل، وأن يتقبل منا صالح أعمالنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، أجمعين.



[1] سورة: البينة، الآية: 5.
[2] سورة: آل عمران، الآية: 29.
[3] صحيح البخاري، برقم: 1، ورقم: 6689. صحيح مسلم، برقم: 5036.
[4] صحيح مسلم، برقم: 6707.
[5] صحيح البخاري، برقم: 7458. صحيح مسلم، برقم: 5029.
[6] صحيح مسلم، برقم: 5041، ورقم: 5041.
[7] سورة: الشورى، الآية: 21.
[8] صحيح البخاري، برقم: 2697. صحيح مسلم، برقم: 4589.
[9] صحيح مسلم، برقم: 4590.
 [10] رواه البيهقي في شعب الإيمان، برقم: 6412. قال الألباني ـــ رحمه الله ـــ: ( إسناده جيد ). السلسلة الصحيحة، 951.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق